بذمي، ولم يستأمن لتجري عليه أحكامنا؛ ثم رجع أَبو حنيفة بعد ذلك عن هذا، وقال: عليه الحد، لأن هذا من حقوق الناس، وهذا قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت القوم إذا آمنوا في دار الحرب، ثم قذف بعضهم بعضاً، ثم خرجوا إلى دار الإسلام، هل يحد الإمام بعضهم لبعض؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم فعلوا ذلك حيث لا يجري (?) عليهم حكم المسلمين.
قلت (?): وإذا قال العبد لحرة أو لأمة: قد زنى بك فلان، وفلان حر مسلم، فجاء الحر يطلب قذفه، وجاءت الحرة (?) تطلب قذفها، هل يحد العبد؟ قال: نعم.
قلت: أرأيت الرجل يقر أنه قذف امرأته قبل أن يتزوجها؟ قال: يحد. [قلت:] فإن قال: قد زنيت قبل أن أتزوجك؟ قال: يلاعن القاضي بينهما. قلت: من أين افترق هذا والأول؟ قال: إذا قال لها: قد زنيت قبل أن أتزوجك، فإنما يقع القذف عليها يوم قال لها ذلك، ولم يكن قاذفاً يوم رآها ولم يتكلم، وإذا قال في قذفها: قذفتك بالزنى قبل أن أتزوجك، فإنما أخبر عن قذف كان منه قبل أن يتزوجها، وليس بقاذف الساعة، فعليه الحد. قلت: وكل شيء أوجبت فيه الحد على الرجل فإنه إذا قال مثل ذلك لامرأته وهما حران مسلمان فعليه اللعان؟ قال: نعم.
قلت: أرأيت الرجل إذا قال لامرأته (?): يا زانية، فتقول هي: قد زنيت بك، هل تحد الرجل أو هي؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: ليس على واحد منهما حد، وليس بينهما لعان، لأنها قد صدقته، ولا حد عليها بقولها: قد زنيت بك، لأن المرأة لا تزني بزوجها، ولو أن امرأة قالت لزوجها مبتدئة: زنيت بك، ثم قذفها الرجل بعد ذلك، لم يكن عليه حد، ولا لعان بينهما.