الدقة والأمانة. إلا أن التعصب وضيق النظر قد أدى ببعض المحدثين إلى مثل هذه الأقوال. فقد ذكرت المصادر أن محمد بن الحسن حضر مجلس أبي حنيفة سنتين أو أكثر (?)، وأنه صحب أبا حنيفة وأخذ عنه الفقه ثم عن أبي يوسف (?). كما أن عمره عند وفاة أبي حنيفة كان ثمانية عشر عاماً، وهي سن تكفي لسماع الكثير من الفقه والعلم وخصوصاً للطالب النبيه.
وقد تقدم آنفاً أنه أتم تحصيل الفقه على أبي يوسف. وهو أمر غني عن البيان كما تراه واضحاً في كتاب الأصل أيضاً. وسيأتي مزيد بيان لذلك أثناء الكلام على كتاب الأصل. وقد سمع منه الجامع الصغير، فجمع فيه المسائل التي رواها عنه عن أبي حنيفة.
قال الشافعي: "كان محمد بن الحسن يقول: سمعت من مالك سبعمائة حديث ونيفاً إلى الثمانمائة لفظاً، وكان أقام عنده ثلاث سنين أو شبيهاً بثلاث سنين" (?).
قال ابن حجر: "وكان مالك لا يحدث من لفظه إلا قليلاً، فلولا طول إقامة محمد عنده وتمكنه منه ما حصل له عنه هذا. وهو أحد رواة الموطأ عنه، وقد جمع حديثه عن مالك، وأورد فيه ما يخالفه فيه، وهو الموطأ المسموع من طريقه" (?).
وكان إذا وعد الناس أن يحدثهم عن مالك امتلأ الموضع الذي هو فيه