وقد صححوا كونه على الفور.
لنا:
إن مطلق الأمر لا يقتضي الفور، ولو يوجد في الحج إلا مطلق الأمر، والدليل على أنه لا يقتضي الفور أن قول القائل لغيره: ((افعل كذا)) حقيقة طلب الفعل وليس فيه تعرض للوقت بوجه ما فصار جميع أوقات الحج وقتاً له على وجه واحد حتى إنه في أي وقت أدى يكون ممتثلاً للمأمور، وهذا كالمكان في الصلاة فإن الله تعالى أمر بالصلاة في زمان ولم يتعرض للمكان فصار جميع أمكنة الصلاة مكاناً للصلاة على وجه واحد حتى إن في أي مكان أدى يكون ممتثلاً للمأمور، كذلك ههنا.
والحرف أن الأمر بالفعل لا يقتضي إلا طلب الفعل، وأما التعجيل والتأخير فليس عليه دليل من صيغة اللفظ فصار مطلق الأمر مقتضياً مطلق الفعل فتقييد الأمر تقييد زائد لابد فيه من دليل زائد، وإذا سقط التقييد بالفورية والبدار من ظاهر اللفظ فصار هو بالتأخير مؤخراً للفعل من زمان الفعل إلى زمان الفعل فجاز له ذلك، وهذا كما لو أخر الصلاة من أول وقتها إلى آخر وقتها، فإنه يجوز للمعنى الذي بينا.
يدل عليه أن الواجب من الفعل كما يصلح واجباً على الفور والبدار حتى يتضيق عليه بوجود أول أوقات الإمكان فيصلح واجباً لا على الفور والبدار حتى يتوسع عليه في مدة عمره فيفعله في أي وقت أحب من أوقات عمره من غير أن يخلي الوقت عنه، والدليل على أن الإيجاب على مثل هذا جائز، المشروع والمعقول: