لورثته إن كان قد مات، وقال أبو حنيفة والشافعي تكون ملكاً للمعمر فإن مات ولا وارث له تكون لبيت المال؛ ودليلنا أن تمليك الرقاب من حقّه أن يقع مطلقاً متى بدا غير مؤقت بوقت يزول بمجيئه، ألا ترى أنّه لو قال بعتك هذا العبد إلى مجيء زيد أو إلى رأس الشهر، لم يصح، فإذا ثبت ذلك وكان المالك قد علق التمليك بعمر المعطى، علم أنه لم يرد تمليك الرقبة فوجب حمله على ما يصح، وهو تمليك المنافع، لأن التوقيت يدخل فيها دون تمليك الأعيان، ولأنّ تمليك الرقاب لا يصح أن يتوقَّت، أصله إذا كان بعوض وهو البيع وغيره، ولانه أجلٌ علق التمليك بالانتهاء إليه، فلم يثبت به ملك الرقبة، كقدوم زيد، ولأنه تمليك معلق بعمره كتعلقه بعمر المملك، فوجب أن يرجع إلى المنافع دون الرقبة، أصله قوله: أسكنتك.

[1201] مسألة: إذا قال هذه الدار وقفاً ولم يجعل لها وجهاً، فإنه يصحّ، وتُصْرف في وجوه الخير والبر، وقال الشافعي في أحد قوليه لا يصح؛ ودليلنا أن الإطلاق إذا كان له عرف حمل عليه، والعرف في الوقف أن المقصود منه القربة والبر، فإن عين هو ذلك الوجه تعين بتعينه، وإن لم يعين اكتفي عنه بالعرف، كما لو قال هذه الدار وقفٌ على المسجد الفلاني ولم يقل على بنائه أو على سراجٍ فيه، فإنه يصح ويصرف في مصالحه.

[1202] مسألة: يجوز أن ينحل الرجل بعض ولده ماله، ويكره أن ينحله جميع ماله، وأيّ ذلك فعل نفذ إذا كان في الصحة، وذهب أحمد بن حنبل وغيره إلى أن الهبة باطلة وترد، ودليلنا قوله تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى"، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: " لا يحلّ مال امرىء مسلم إلا عن طيب نفسه " ولأن ذلك مروي عن أبي بكر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015