عقد من العقود فلم يفتقر انعقاده إلى قبض المعقود عليه كسائر العقود، ولأنه تمليك عين في حال الحياة فوجب أن يلزم بمجرد الإيجاب والقبول، أصله البيع، ولأنه عقد إرفاق وتبرر فيجب أن يلزم بمجرد القول، أصله الوقف، ولأنها عطية فوجب أن تلزم بنفس القول وحصول صفة الإيجاب والقبول كالوصية، ولأنها هبة وجد فيها الإيجاب والقبول كالمقبوضة.

[1199] مسألة: هبة المشاع والتصدق به جائز، كان مما ينقسم كالعقار، أو مما لا ينقسم كالعبيد والحيوان، وقال أبو حنيفة يجوز فيما لا ينقسم، ولا يجوز فيما ينقسم؛ فدليلنا قوله تعالى: "إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح" والعفو ها هنا ما يجب من النصف، فلم يفرّق بين أن يكون الصداق مما ينقسم أو مما لا ينقسم، وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- اشترى سراويل بأربعة دراهم، فقال للوازن: " زن وأرجح " وذلك هبة المشاع، ولأنَّ كل ما يجوز بيعه يجوز هبته كالمحوز، ولأن كل ما يصح أن يكون مقبوضًا في البيع صح في الهبة كالمنفرد، ولأن الإشاعة التي لا تمنع البيع لا تمنع الهبة، اعتبارًا بما لا ينقسم، ولأنه مشاع يجوز بيعه كالذي لا ينقسم، ولأن كل ما جاز هبة جميعه جاز هبة بعضه، كالمفرد ومما لا ينقسم، ولأن كل عقد جاز في مشاع لا ينقسم جاز فيما ينقسم كالبيع، ولأنه قد ثبت أن الرجلين إذا وهبا دارًا بينهما لرجل صح، وهذا هبة مشاع.

[1200] مسألة: العُمْرَى عندنا تمليك المنافع دون الرقبة، فإذا قال أعمرتك هذه الدَّار حياتك، وقال لعقبك أو لم يقل، فإنها تكون له مدّة حياته، فإذا مات أو انقرض عقبه إن ذكر العقب، عادت ملكًا للمعمر أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015