يقع منه على سبيل الكثرة؛ فتكون "قد" هنا بمنزلة "ربما" في الكثرة انتهى؛ ففهم أن "قد" -في البيت- للتكثير، وهذا ما فهمة الزمخشري1 من البيت، وتابعهما الشيخ جمال الدين عبد الله بن هشام2، وزاد فقال في كتابه -المغني- ما نصه: "الرابع -يعني من معاني التكثير- قال سيبويه في قول الهذلي: قد أترك القرن مصفرا أنامله ...

وقاله الزمخشري في {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} .

قال: أي ربما نراه، ومعناه تكثير الرؤية ثم استشهد بالبيت "انتهى".

قلت: وهذا لم يقله سيبويه؛ وإنما فهمه عنه أبو حيان وليس جازما به -كما رأيت- كلامه؛ بل قاله معارضة لفهم ابن مالك، وهو معارض بفهم ابن مالك وغاية الأمر أن فهم أبي حيان، طابق فهم الزمخشري من البيت وهذا لا يكفي في تسويغ النقل عن سيبويه -أنه قال: إن "قد" في البيت للتكثير- مع كون كلامه محتملا، وفهم منه آخر المجتهدين في النحو وهو ابن مالك- التقليل.

ثم أقول: الحق ما فهمه ابن مالك؛ فإن الفخر يقع بترك الإنسان قرنه كأنه أنامله محت بفرصاد - ولو في وقت واحد.

وقول شيخنا الإنسان لا يفخر إلا بما يصدر منه إلا على سبيل الكثرة -جوابه: أن ذلك فيما يمكن جريانه قليلا وكثيرا؛ فلا يفخر بقليله بل بكثيرة. وأما ما لا يتفق إلا نادرا ذلك فيما يمكن جريانه قليلا وكثيرا؛ فلا يفخر بقليله بل بكثيره. وما ما لا يتقن إلا نادرا فإنه يقع الافتخار منه بالقليل؛ لاستحالة الكثرة وترك الإنسان قرنه -بهذه الصفة- لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015