وأمور أخر على وجه. وأما الذي يندرج في القاعد؛ فإنه قد يغتفر في الدوام، ما لا يغتفر في الابتداء ومسائلها كثيرة وهي من أصلها خارجة عن القواعد، وانظر كيف أتينا بلفظ "قد" التي لا تستعمل غالبا إلا للتقليل وفهمه ابن مالك1 من قول سيبويه2، وتكون قد بمنزلة ربما قال الهذلي، وقد أترك القرن مصفرا أنامله: كأن أثوابه محت بفرصاد كأنه قال: ربما هذا نص سيبويه.
قال ابن مالك: فإطلاقه أنها بمنزلة ربما موجب للتسوية بينهما في التقليل والصرف إلى المعنى. انتهى وهو الصحيح عندي.
واعترض شيخنا أبي حيان3 -رضي الله عنه- بأن سيبويه لم يبين الجهة التي فيها "قد" بمنزلة "ربما"؛ فلا يدل ذلك على التسوية في الأحكام -فيه نظر؛ فإن ظاهرة كون الشيء بمنزلة الشيء، والمساواة في الأحكام كلها إلا ما تعين خروجه.
ثم اعترض شيخنا ثانيا بأنه قد يستدل بكلام سيبويه على نقيض التقليل، وهو التكثير؛ لأن الإنسان لا يفخر بشيء يقع منه على سبيل التقليل والندرة؛ وإنما يفخر بما