ليس عن مالك -رحمه اللَّه- في ذلك نص، ولكن مذهبه يدل على أنها على الفور، ولم ذلك كذلك إلا أن الأمر اقتضاه؟، والحجة له قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: الآية 133]، وهذا عام في كل عمل، فأمر بالمسارعة والتراخي قيد المسارعة، فدلَّ على أن الأمر على الفور دون التراخي.
فإن قيل: قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: الآية 133] يدل على وجوب المبادرة إلى ما يسقط الذنوب، ويوجب غفرانها، لأن المغفرة إنما تكون للذنب، وليس في ظاهر الآية إلا وجوب التوبة، وما يوجب التكفير للذنوب التي يستحق عليها العقاب، وهذا ما لا خلاف في وجوب المبادرة إليه، ومن زعمت أن غيره من الأفعال بمنزلته، فعليه قيام الدليل.
قيل له: سائر أفعال الطاعات والحسنات يغفر به السيئات، قال اللَّه تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: الآية 114]، والمبادرة إلى فعل ما أمر اللَّه به من الطاعات والشرائع مما يغفر به السيئات، فثبت ما قلناه، واللَّه أعلم.
قال القاضي أَبُو بكْر البَاقِلانِيُّ: الأمر بالفعل إِذا تجرَّد هل يقتضي تكراره أم لا يقتضي ذلك إلا بدليل؟
ليس عن مالك فيه نص، ولكن مذهبه عندي يدل على تَكْرَارِهِ إِلا أن يقوم دليل.
والحجة لذلك حديث سُرَاقَةَ، لما سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: أحَجَّتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا أَمْ لِلأَبَد؟ فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اترُكُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ"، وقيل في خبر الأبد (?): وسراقة عربي، فلولا أن حكم الخطاب في اللُّغة يوجب ذلك لَمَا سُئِلَ، وإلا فما وجه مَسْألتهِ عن