واحتج بذلك فيمن أكل في شهر رمضان متعمدًا بغير عذر، أن عليه الكفَّارة، فهذا يدل على أن مذهبه ما قلناه.
ومما يوضح ذلك أيضًا أنه روى حديث فَاطِمَةَ بِنْتِ أبِي حُبَيْش -أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "قال لها: "إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْتَسِلِي عن الدَّمِ وَصَلِّي") (?).
فأحبّ مالك أن يكون الحكم في النساء كلهن مثل الحكم فيها، ودل على الحكم في الحَيْضِ على هذا الحديث، والحجة لذلك قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خِطَابِي لِلْوَاحِدِ خِطَابٌ لِلْجَمِيعِ".
وهذا نص فيما ذكرناه، فوجب الحكم، وباللَّه التوفيق.
مذهب مالك في العموم إذا خص بعضه هل يكون ما بقي على عمومه، أو يتوقف عنه حتى يقوم دليل على خصوص أو عموم (?).
ليس يختلف أصحابنا في أن ما بقي بعد قيام الدليل على خصوصه أنه على العموم، والدليل على ذلك أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خاطبنا بلغة العرب، ووجدناهم يقولون إِذا أمروا مَنْ يلزمه طاعتهم، وامتثال أوامرهم: أعْطِ بني تميم كذا وكذا، أنه يلزم المأمور أن يعطيهم ما أَمَرَ به، فإذا قال له بعد ذلك: لا تعطي شيوخ بني تميم شيئًا لا يكون ذلك منعًا لإعطاء مَنْ بَقِي من الشُبَّان؛ لأن عطيته الكل ثابتة، فالأمر بخروج البعض من الجملة لا يدل على إبطال الكل، وذلك معقول عندهم ومشهور في لسانهم، فوجب ألا يخرج عن ذلك، وباللَّه التوفيق.
مذهب مالك -رحمه اللَّه- هل يجوز أن يقاس على المخصوص أم لا؟
المخصوص إِذا عُرِفَتْ عِلَّتُهُ جاز القياس عليه، وإِلى هذا ذهب القاضي إسماعيل بن إسحاق.