ومذهب مالك -رحمه اللَّه- قصر الحكم على السَّبَبِ الذي خرج اللفظ عليه، مَتَى خلا ممَّا يدل على اشتراك ما تناوله اللفظ معه.
وحُكِيَ عن ابْنِ القَاضِي إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَق أن الحكم للفظ دون السبب، قال: وذلك نحو ما روي عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد سُئِلَ عن بِئْر بضَاعَةَ وما يلقى فيها من الكلاب، فقال: "خلَقَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- الماءَ طَهُورًا لا يُنجِّسُهُ شَيْءُ إِلَّا مَا غَيَّرَهُ" (?).
فحكم على الماء بأنه طهور جنسه، دون الماء الذي سئل عنه، فدلّ على أن كل ما وصفه ما ذكره؛ لأن اللفظ يقتضي ذلك، والحجة له أنه لما كان الموجب للحكم هو اللَّفظ دون السبب، وجب أن يكون هو المراعي دونه، والحجة للوجه الآخر، وهو قول مَالِكٍ، هو: أن السؤال يَفتقِرُ إلى الجواب والجواب سبب السؤال، فقد صار كل واحد منهما سببًا لصاحبه لا بد له منه، فلما كان السؤال مقصورًا كان الجواب كذلك، واللَّه أعلم.
من مذهب مَالِك -رحمه اللَّه- قَبُول الزائد من الأخبار، وصورته أن يروي أحد الراويين خبرًا يفيد معنى من المعاني، ويَرْوي آخرُ ذلك الخبر بزيادة لفظة فيه؛ لأن تلك اللفظة تدل على زيادة معاني أخرى في الحَدِيث، وتكون اللفظة الزائدة لو انفردت لاستفيد منها معنى، فيصير الخبر مع زيادته كالخبرين، فمن قَبِلَ خبر الواحد لزمه قَبُول ذلك؛ لأن الزيادة كخبر آخر، فقبولها واجب، واللَّه أعلم.
مذهب مَالِكٍ أن الآية العامة إذا كان في العقل (?) تخصيصها خُصَّت به وإن لم يكن في العقل تخصيصها؛ فإنه يجوز أن تخصّ بالآية الخَاصّة وكذلك بالسنة المتواترة، وبالإجماع، وخبر الواحد، وبالقياس.