/ ب لما صَارَت عبارَة الرُّؤْيَا شريفة علاها منيفة دارها عَزِيزًا مَكَانا رفيعاً مِقْدَارًا وشأنها رَأَيْت أَن أؤلف كتابا مُخْتَصرا كَافِيا وملخصاً شافياً يجل مَحَله ويخف مَحَله فألفت هَذَا الْكتاب وسميته كتاب الْإِشَارَة إِلَى علم الْعبارَة واعتمدت فِي تأليفه على كتاب الإِمَام الْكرْمَانِي لقَوْله: رَأَيْت يُوسُف الصّديق فِي الْمَنَام فَأَعْطَانِي قَمِيصه فلبسته وَجَلَست فِيهِ ومشيت فِيهِ فسرت بَين الْخَافِقين وَلقَوْله مَا فِي كتابي شَيْء إِلَّا جربته مائَة مر فَمَا كَانَ أقل لم أَضَعهُ فِي كتابي وَلذكر أَنه أَخذ التَّأْوِيل من مصحف إِبْرَاهِيم وَمن كتب دانيال وَعَن سعيد ابْن الْمسيب وَعَن عَمْرو بن سِيرِين وَمن الجزاتيه فِي مَنَامه ويعلمه التَّأْوِيل ويرشده إِلَى الصَّوَاب وَكَثِيرًا مَا ألفت فِي كتاب ابْن سِيرِين وَكتاب عَليّ بن أبي طَالب وَكتاب جَعْفَر بن حسن الْكسَائي وَكتاب ابْن قُتَيْبَة مِمَّن شدّ من كتاب الْكرْمَانِي فالحقيقة فِي كتابي هَذَا ونقلت اللَّفْظ على حسب مَا وجدته لألاّ أخل بِمَعْنَاهُ فَإِن الْفضل للمتقدم وبوبت هَذَا الْكتاب على خمسين بَابا نذكرها فِي صَدره وَلم أجنح إِلَى إِعَادَتهَا وقدمت فضل ذكر الْعبارَة ومكانها من الْعلم ليتنبه الطَّالِب إِلَى مَعْرفَتهَا وَالْوُقُوف عَلَيْهَا وَذكر أُصُولهَا وفصولها وأزمنة خطأ الرُّؤْيَا بهَا وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يتَعَلَّق من مَعَانِيهَا وإيمائها إِلَى مَا تقف وتطلع مِنْهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
قَالَ الله عز وَجل {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ بعض الْمُفَسّرين يَعْنِي الرُّؤْيَة الصَّالِحَة وَفِي الْآخِرَة: الْمعَانِي قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا هُوَ يرى فِي مَنَامه مَا يرى فِي يقظته عرف مِنْكُم من عرفه أَو جهل مِنْكُم من جَهله وَإِن لم تخرج صَار لصَاحِبهَا تَسْمِيَة أَو نظرا وَنَظِيره أَو أحد من عشيرته وقبيلته ...