طَوِيلَة وَإِن وجدهَا على ركبته فَيكون قد رأى نَهرا وَإِن وجدهَا على أَصَابِع رجله فَيكون قد رأى غابة صَغِيرَة.
وَقَالَ دانيال من رأى مناما ونسيه فَهُوَ من أَرْبَعَة أَشْيَاء كَثْرَة الذُّنُوب وَاخْتِلَاف الْأَعْمَال وَضعف النيات وَتغَير الأمزجة.
فَائِدَة فِي بَيَان قصّ الرُّؤْيَا وتعبيرها فَمنهمْ من قَالَ أَنه جَائِز فِي كل الْأَوْقَات وَيرجع من طُلُوع الشَّمْس إِلَى وَقت الزَّوَال وَمِنْهُم من قَالَ لَا يجوز بِغَيْر شمس وَمِنْهُم من قَالَ من طُلُوع الشَّمْس إِلَى فَائِدَة لَا يَنْبَغِي أَن تقص الرُّؤْيَا إِلَّا على معبر وَيجب على من لَا يعرف علم التَّعْبِير أَن لَا يعبر رُؤْيا أحد فَإِنَّهُ ياثم على ذَلِك لِأَنَّهَا كالفتوى وَهِي فِي الْحَقِيقَة علم نَفِيس وَقد ورد فِي الحَدِيث مَا مَعْنَاهُ أَن الْإِنْسَان إِذا لم يعلم الْجَواب وَسكت عَنهُ فَإِنَّهُ يُؤجر.
فَائِدَة يَنْبَغِي للمعبر أَن يَسْتَوْفِي قصّ الرُّؤْيَا فَمَا كَانَ مِنْهَا مُوَافقا لِلْأُصُولِ فيجتهد فِي تَعْبِيره وَمَا كَانَ خَارج عَنْهَا فيلغيه عَنهُ وَإِذا قصت عَلَيْهِ رُؤْيا وَرَأى مَا يكره فَلَا يَكْتُمهُ بل يعرف الرَّائِي بِعِبَارَة حَسَنَة بِحَيْثُ يفهم الرَّائِي مِنْهُ ذَلِك وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه يعبر الرُّؤْيَة الجيدة وَيتْرك ضدها بِحَيْثُ يَأْمر الرَّائِي بالتحذير وَالتَّوْبَة وَالصَّدَََقَة.
فَائِدَة إِذا أَرَادَ الْإِنْسَان أَن يرأى رُؤْيا صَادِقا تظهر لَهُ مَا فِي ضَمِيره ينَام على وضوء على جَانِبه الْأَيْمن وَيذكر الله وَيَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء الْمَرْوِيّ عَن جَعْفَر الصَّادِق وَهَذَا هُوَ: الله إِنِّي أسلمت نَفسِي إِلَيْك ووجهت وَجْهي إِلَيْك وفوضت إمري إِلَيْك وألجأت ظَهْري إِلَيْك رَغْبَة وَرَهْبَة إِلَيْك لَا ملْجأ وَلَا منجا مِنْك إِلَّا إِلَيْك أمنت بكتابك الَّذِي أنزلت وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت تَبَارَكت رَبنَا وَتَعَالَيْت أَنْت الْغنى وَنحن الْفُقَرَاء إِلَيْك أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك يَا رب أَنا هارب مِنْك إِلَيْك اللَّهُمَّ أَرِنِي رُؤْيا صَادِقَة غير كَاذِبَة صَالِحَة سارة غير مَحْزَنَة نافعة غير ضارة. وَإِذا اسْتَيْقَظَ يذكر الله تَعَالَى ويقص رُؤْيا على معبر وَمهما عبر لَهُ يعْتَمد عَلَيْهِ.
فَائِدَة وَلَا بَأْس بالمعبر إِذا علم مَا يخْتَص بِكُل يَوْم من الْأَيَّام السَّبْعَة وسعودها ونحسها وساعاتها وَمَا يخْتَص بهَا وقص عَلَيْهِ رُؤْيا أَن يتحَرَّى سَاعَة سعد لتَكون أحسن من سَاعَة نحس.
فَإِنَّهُ إِذا رَأَيْت رُؤْيا فِي الْوَلَد من خير أَو شَرّ فيؤول على الْأَعْدَاء وَإِذا رئي فِي الْوَلَد من خير أَو)
شَرّ يؤول على الْوَلَد.
فَائِدَة روى أَن أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله تَعَالَى أجنب يَوْمًا فجَاء إِلَى الدجلة بِبَغْدَاد وَأَرَادَ التطهر مِنْهَا فَلم يجد مَعَه مَا يسْتَتر بِهِ فاستحيي من الله تَعَالَى أَن ينزل عُريَانا فَنزل بِقَمِيصِهِ واغتسل من الْجَنَابَة ثمَّ طهر وقميصه مبلول فَلم يسْتَطع عصره فَجَلَسَ فِي الشَّمْس والقميص عَلَيْهِ لينشفه فَأَخَذته سنة من النّوم فَرَأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: يَا أَحْمد كَمَا تبِعت سنتي وَاسْتَحْيَيْت أَن تنزل عُريَانا جعلتك ربع الْإِسْلَام وَكَانَ ذَلِك فِي ابْتِدَاء أمره فَكَانَ من أمره مَا كَانَ.
فَائِدَة روى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من مَنَامه فليغسل يَدَاهُ أَو قَالَ يَدَيْهِ ثَلَاثَة قبل أَن يدخلهما فِي الأناء فَإِنَّهُ لَا يدْرِي ايْنَ باتت يَده من جسده فَشك وَاحِد فِي ذَلِك فَنَامَ واستيقظ فَوجدَ يَده قد دخلت فِي دبره وَقيل أحد أَصَابِعه.
وَقَالَ مُؤَلفه النَّوَادِر والفوائد كَثِيرَة بِحَيْثُ يطول شرحها واختصرت انا وَوضعت فِي هَذَا الْبَاب مَا يُنَاسب فِيهِ لمساق الْكَلَام فِي الْمَعْنى وَالْمُنَاسِب فَمن رأى شَيْئا من ذَلِك فليعتبر الْأَبْوَاب وَمَا هُوَ مُنَاسِب فِي كل بَاب فيجده وَإِن لم اذكر فِي صدر كثير من الْأَبْوَاب مَا هُوَ مطول فِي تصديره لكَونه يُنَاسب الْمَعْنى فَإِذا أعتبر الرَّائِي تصدير الْأَبْوَاب وَلم يجد مَا رَآهُ فَلم يعلم مَعَ أَيهَا يُنَاسب فتنظر فِي جملَة الْبَاب الْمُنَاسب وَقد اعتذرت بإنه لَو اعْتمد المعبرون على كتب التَّعْبِير خَاصَّة لعجزوا عَن أَشْيَاء كَثِيرَة وَلَكِن يحْتَاج الْمعبر أَن يكون عَالما بأصول التَّعْبِير ويعبر بِمَا يظْهر لَهُ من الْمَعْنى وَقد الفت كتابا فِي ذَلِك وسميته الْكَوْكَب الْمُنِير فِي أصُول التَّعْبِير وَقد سبكت فِي هَذَا الْكتاب جملَة مُتَفَرِّقَة فِي أَمَاكِن ناسبت ذكرهَا والمعبر الفطن يفهم ذكره وَعلم الْأُصُول مَفْهُوم عِنْد أهل التَّعْبِير.
وختمت هَذَا الْكتاب بفائدة شرعيه مفيدة فِي الرُّؤْيَا وَهُوَ مَا رُوِيَ عَن عبد الْأَعْلَى بن النَّجْم قَالَ بت لَيْلَة فِي أَيَّام حريش وَابْن خلف الْمعَافِرِي