بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (الْحَمد لله) الَّذِي خلق آدم من طين ثمَّ نفخ فِيهِ روحاً ثمَّ اصطفاه للرسالة كَمَا اصْطفى إِدْرِيس من بعده ونوحا وَاتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ومُوسَى كليماً وَإِسْمَاعِيل ذبيحاً وَنصر هودا على عَاد وألان الْحَدِيد لداود ووسع لِسُلَيْمَان فِي الأَرْض روحاً وسخر لَهُ ريحًا وأيد صَالحا بآياته وَهَارُون بِرِسَالَاتِهِ وَجعل الْمَسِيح آيَة وروحاً ونجى يُوسُف من الْجب وَعلمه من تَأْوِيل الْأَحَادِيث فَكَانَ فِي أُمُوره نجيحا وأسعف لُقْمَان من الْأَنَام وآتاه الْحِكْمَة فِي الْمَنَام فَاسْتَيْقَظَ حكيماً فصيحا وَخص مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحوض المورود وبوأه من الْجنَّة مقْعدا فسيحا وَأنزل عَلَيْهِ فِي مُحكم كِتَابه الْعَزِيز: {وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} وَجعل علم التَّعْبِير من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَلم يظْهر لَهَا منازعا وَلَا مزيحاً (أَحْمَده) على كل حَال وأشكره على نعمه الَّتِي لَيْسَ لَهَا زَوَال (وَأشْهد أَن لَا اله إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة خَالِصَة فِي السِّرّ والإعلان مفرا بهَا الْقلب وَاللِّسَان (وَأشْهد) ان مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي حَاز من المكارم والمفاخر الرُّتْبَة الْعليا وجاهد فِي سَبِيل الله بِقَلْبِه وقالبه فَمَا أبقى بقيا وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي كل يَوْم يَقُول لأَصْحَابه: أَيّكُم رأى رُؤْيا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله الأخيار صَلَاة دائمة آنَاء اللَّيْل وأطراف النَّهَار. (يَقُول) الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى خَلِيل بن شاهين الظَّاهِرِيّ لطف الله بِهِ (قَوْله تَعَالَى) {فَلَمَّا خر تبينت الْجِنّ أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين} وَقَوله تَعَالَى فِي تَكْذِيب الكهانة {وَلَا بقول كَاهِن قَلِيلا مَا تذكرُونَ} (قَالَ) الواحدي الكاهن هُوَ الَّذِي يخبر عَن المغيبات وَقد ذمّ الشَّرْع الْكل لِتَفَرُّدِهِ تَعَالَى بِعلم الْغَيْب فَأَعْرَضت عَن ذَلِك وَلم ألتفت إِلَيْهِ وَأَرَدْت أَن أجمع كتابا يشْتَمل على علم يظْهر بِهِ المغيبات وَله أصل فِي الشَّرِيعَة وَهُوَ علم التَّأْوِيل وَالتَّعْبِير (وسميته) (كتاب الإشارات فِي علم الْعبارَات) واعتمدت فِي ذَلِك على كتب الْمُتَقَدِّمين وأقوال الْمَشَايِخ المعتبرين مثل كتاب الْأُصُول لدانيال الْحَكِيم وَكتاب التَّقْسِيم لجَعْفَر الصَّادِق وَكتاب الْجَوَامِع لمُحَمد بن سِيرِين وَكتاب الدستور لإِبْرَاهِيم الْكرْمَانِي وَكتاب الْإِرْشَاد لجَابِر المغربي وَكتاب التَّعْبِير لإسماعيل بن الْأَشْعَث وَكتاب كنز الرُّؤْيَا للمأموني وَكتاب بَيَان التَّعْبِير لعبدوس وَكتاب جمل الدَّلَائِل وَكتاب مبادئ التَّعْبِير وَكتاب كَافِي الرُّؤْيَا وَكتاب التَّعْبِير للطاموسي وَكتاب مقرمط الرُّؤْيَا وَكتاب تحفة الْمُلُوك وَكتاب منهاج التَّعْبِير لخَالِد الْأَصْفَهَانِي وَكتاب مُقَدّمَة التَّعْبِير وَكتاب حقائق الرُّؤْيَا وَكتاب الْوَجِيز لمُحَمد بن شامويه وَكتاب التَّعْبِير لأبي سعيد الْوَاعِظ وَكتاب كَامِل التَّعْبِير للشَّيْخ أبي الْفضل حُبَيْش بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد النقيشي وَكتاب الإشارات إِلَى علم الْعبارَات لأبي عبد الله بن أَحْمد بن عَامر السالمي وَكتاب الدّرّ المنظم فِي السِّرّ الْمُعظم لمُحَمد الْقرشِي النصيبي وَغير ذَلِك مثل الشَّيْخ أوحد الدّين عبد اللَّطِيف الدمياطي وَالشَّيْخ عبد الْقَادِر الأشموني وَالشَّيْخ يُوسُف الكربوني السكندري وَالشَّيْخ مُحَمَّد الفرعوني وَالشَّيْخ حسن الرَّمْلِيّ وَالشَّيْخ نور الدّين الْكَرْخِي الغزاوي وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْمَقْدِسِي وَالشَّيْخ شرف الدّين الكركي وَالشَّيْخ شمس الدّين حمرون الصَّفَدِي وَغير ذَلِك (وأضفت) إِلَى ذَلِك مَا اتّفق لي ولغيري من الرُّؤْيَا الصَّحِيحَة الَّتِي ظَهرت كفلق الصُّبْح فَمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ بَينته بقول وَاحِد وَمَا اخْتلفُوا فِيهِ بَينته وبينت تَعْبِير كل وَاحِد على حَده وَمَا ظهر مَعْنَاهُ أولته بِدَلِيل أَو معنى وَاضح أَشرت فِي أَوله بقوله: قَالَ بعض المعبرين أَو قَالَ بَعضهم.
مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ مكنا ليوسف فِي الأَرْض ولنعلمه من تَأْوِيل الْأَحَادِيث} قَالَ الواحدي: هُوَ تَأْوِيل الرُّؤْيَا وَقَوله تَعَالَى: {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ بعض الْمُفَسّرين: يَعْنِي الرُّؤْيَا