وسدت مسامعه الشهوات1، واختار الفانية على الباقية؟ ولا تذكرون أنكم أحدثتم في الإسلام الحدث الذي لم تسبقوا إليه: من ترككم الضعيف يقهر ويؤخذ ماله ... إني رأيت آخر هذا الأمر2 لا يصلح إلا بما صلح به أوله: لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف، وأني أقسم بالله لآخذن الولي بالمولى3، والمقيم بالظاعن4، والمقبل بالمدبر، والمطيع بالعاصي، والصحيح منكم في نفسه بالسقيم، حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول: انج سعد فقد هلك سعيد5 أو تستقيم قناتكم6 ... أيها الناس إنَّا أصبحنا لكم ساسة، وعنكم ذادة، نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا، ونذود عنكم بفيء7 الله الذي خولنا، فلنا عليكم السمع والطاعة فيما أحببنا، ولكم علينا العدل فيما ولينا، فاستوجبوا عدلنا وفيئنا بمناصحتكم لنا، واعلموا أني مهما قصرت عنه فلن أقصر عن ثلاث: لست محتجبًا عن طالب حاجة منكم ولو أتاني طارقًا بليل، ولا حابسًا عطاء، ولا رزقًا عن إبانة، ولا مجمرًا8 لكم بعثًا، فادعوا الله بالصلاح لأئمتكم، فإنهم ساستكم المؤدبون لكم، وكهفكم الذي إليه تأوون، ومتى يصلحوا تصلحوا، ولا تشربوا قلوبكم بغضهم، فيشتد لذلك غيظكم، ويطوله له حزنكم.