عليها المجتمع، ولهذا فهي تحرص على حماية الأخلاق، وتتشدد في هذه الحماية حتى لتكاد تعاقب على كل الأفعال التي تمس الأخلاق، أما القوانين الوضعية فتكاد تهمل المسائل الأخلاقية إهمالاً تامًا، ولا تعني بها إلا إذا أصاب ضررها المباشر الأفراد أو الأمن أو النظام، فالقوانين الوضعية لا تعاقب على الزنا مثلاً إلا إذا أكره أحد الطرفين الآخر أو كان الزنا بغير رضاه رضاء تامًا، لأن الزنا في هاتين الحالتين يمس ضرره المباشر الأفراد كما يمس الأمن العام، أما الشريعة الإسلامية فتعاقب على الزنا في كل الأحوال والصور، لأنها تعتبر الزنا جريمة تمس الأخلاق، وإذا فسدت الأخلاق فقد فسدت الجماعة وأصابها الانحلال. وأكثر القوانين الوضعية لا تعاقب على شرب الخمر، ولا تعاقب على السُّكْرِ لذاته، وإنما تعاقب السكران إذا وجد في الطريق العام في حالة سُكْرٍ بَيِّنٍ، لأن وجوده في هذه الحال يعرض الناس لأذاه واعتدائه، وليس العقاب على السكر لذاته باعتباره رذيلة، وعلى شرب الخمر باعتباره مُضِرًّا بالصحة متلفًا للمال مفسدًا للأخلاق، أما الشريعة فتعاقب على مجرد شرب الخمر ولو لم يسكر منها الشارب لأنها تنظر إلى المسألة من الوِجْهَةِ الخُلُقِيَّةِ التي تتسع لشتى الاعتبارات، فإذا صينت الأخلاق فقد صينت الصحة والأعراض والأموال والدماء وحفظ الأمن والنظام.

والعلة في اهتمام الشريعة الإسلامية بالأخلاق على هذا الوجه، أن الشريعة تقوم على الدين، وأن الدين يأمر بمحاسن الأخلاق، ويحث على الفضائل، ويهدف إلى تكوين الجماعة الصالحة الخيرة، ولما كان الدين لا يقبل التغيير والتبديل فمعنى ذلك أن الشريعة ستظل حريصة على حماية الأخلاق متشددة في حمايتها.

والعلة في استهانة القوانين الوضعية بالأخلاق أن هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015