بالطين، ولكن هؤلاء المتخمين بالثروة يأبون أن يردوا على الفقراء والمساكين بعض حقهم الذي يوجبه الدين وتفرضه طبيعة الاجتماع. والقوانين عاجزة عن معالجة هذه الحالة لأنها لا توجد ولا تنفذ إلا إذا رضي بها السادة الأغنياء.
وفي مصر ماليون يكدسون الأموال عقارات ومنقولات ومشروعات صناعية، ويستخدمون عمالاً يكدحون ويشقون بأجور تافهة لا تقوم باللقمة الجافة والكساء الذي يستر العورة، وليس في مصر قانون يلزم أصحاب الأموال أن يشركوا في أرباحهم العمال كما يقضي بذلك الإسلام، وصاحب المال يكدس خزائنه ذهبا وفضة، والعامل يكدس في قلبه غَضَبًا وَحِقْدًا ينمو ويزيد كل يوم.
إن حياتنا الاجتماعية قائمة على المنفعة، وعلى التحلل من كل القيود، ومن أجل ذلك لا يوقر الصغير كبيرًا، ولا يعطف الكبير على صغير، ولا يرحم القوي ضعيفًا، وَلاَ يَبَرُّ الغني فقيرًا، ولا تحترم الرعية رَاعِيًا، وقد جرف هذا التيار الأسرة، فتقطعت الصِلاَتُ والأواصر بين الزوجة وزوجها، والابن وأبيه، والأخ وأخيه، وحق أن يحدث هذا ما دامت حياتنا قائمة على المنفعة والأثرة.
إن أداة الحكم في مصر قد تعفنت وتعطلت حتى لم يعد لوجودها معنى إلا زيادة الفساد، وكل شيء في مصر الآن