النَّاسِ لَفَاسِقُونَ، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 49، 50].
إن الذين يريدون أن يفصلوا بين العقيدة الإسلامية والنظام الإسلامي إنما هم أعداء الإسلام عن عمد أو جهل، فالنظام الإسلامي أشبه ما يكون بالآلة التي تنتج الكهرباء والعقيدة الإسلامية هي النور الذي تعمل الآلة لإنتاجه، فإذا عطلت الآلة انقطع النور وانتهى الإسلام.
إن الدين الإسلامي يمتاز بأنه استطاع أن يوحد بين الأجناس والألوان والأمم، وأن يوجههم جميعًا وجهة واحدة، وأن يحملهم على نهج واحد وغاية واحدة، وما استطاع الدين الإسلامي أن يصل لهذا إلا لأنه عقيدة ونظام.
ولقد جاءنا الإسلام بعقائد معينة ولكنه لم يأتنا بها مجردة، وإنما أتى معها بالنظام الذي تقوم عليه وتحيا به، وألزمنا اتباعه والتزامه، وهو نظام دقيق من التربية والتوجيه، يشمل كل شيء كما قدمنا، ويتدخل في كل حالة من حالات الإنسان، وينتقل بالفرد من مرحلة إلى مرحلة حتى ينتهي به إلى مرحلة التخلي عن أنانيته وأهوائه ويصل به إلى مرحلة التجرد لخدمة المبادئ القرآنية والفناء فيها.
وهكذا يربي الإسلام المسلمين تربية واحدة ويوجههم توجيهًا موحدًا، ويجردهم لخدمة أهداف واحدة، فما يطلبه أحدهم هو ما يطلبه الآخر، وما تعمل له مجموعة منهم هو نفسه