ملك الانتفاع. والقاعدة أن الإضافة يكفي فيها أدنى الأسباب، ولقد أضاف القرآن مال السفهاء إلى أوليائهم، لا لأنهم ملكوا المال، ولكن لأنهم يملكون حق التصرف فيه بما لهم من حق الولاية، فقال - جَلَّ شَأْنُهُ -: {وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا} [النساء: 5]. فإضافة مال الله للبشر لأن لهم حق الانتفاع به هو نوع إضافة مال السفهاء إلى أوليائهم، لأن لهم حق التصرف فيه.
وبعد فإن النصوص لا يصح أن تفسر على ظاهرها ما دام هناك نصوص أخرى تناقضها .. والقاعدة أن نصوص القرآن لا يترك بعضها لبعض، وإنما تؤخذ جملة وتفسر مجتمعة، والتفسير الصحيح الذي يرفع التناقض يقتضي اعتبار نسبة المال للبشر نسبة مجازية، وأنه نسب إليهم لوجوده في أيديهم، ولما لهم من حق الانتفاع به في الحدود التي رسمها الله.
ونخلص من ذلك كله لأن ما في يد البشر من مال على اختلاف أنواعه وأشكاله ومقاديره وما ينتجه هذا المال من أموال إنما هي جميعًا مال الله لا مالهم وملكه لا ملكهم أقامهم عليه واستخلفهم فيه فما يملكون من هذا المال إلا حق الانتفاع به وما يستتبع حق الانتفاع بمال من استهلاكه والتصرف فيه.
للبشر حق الانتفاع بما في أيديهم من مال الله وهو الحق