يحيى بن أكثم قاضي بغداد، فدخل المأمون إلى مجلس يحيى وخلفه خادم يحمل طنفسه لجلوس الخليفة، فرفض يحيى أن يميز الخليفة عن أفراد رعيته، وقال: يا أمير المؤمنين لا تأخذ على صاحبك شرف المجلس دونه، فدعا المأمون للرجل بطنفسة أخرى.

وبعض الخصومات التي كانت تثور بين الخليفة والولاة والأفراد كانت تفض بطريق شرعي بحت هو التحكيم، «كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَقَدْ أَخَذَ فَرَسًا مِنْ رَجُلٍ عَلَى سَوْمٍ فَحَمَلَ عَلَيْهِ رَجُلاً فَعَطِبَ، فَخَاصَمَ الرَّجُلُ عُمَرَ, فَقَالَ عُمَرُ: " اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ رَجُلاً " , فَقَالَ الرَّجُلُ: فَإِنِّي أَرْضَى بِشُرَيْحٍ العِرَاقِيِّ , فَقَالَ شُرَيْحٌ لِعُمَرَ: أَخَذْتَهُ صَحِيحًا سَلِيمًا وَأَنْتَ لَهُ ضَامِنٌ حَتَّى تَرُدَّهُ صَحِيحًا سَلِيمًا» , وَكَانَ هَذَا الحُكْمُ الذِي صَدَرَ مِنْهُ ضِدَّ عُمَرَ هُوَ الذِي حَفَزَ عُمَرَ لِتَعْيِينِ شُرَيْحٍ قَاضِيًا (?).

وفقهاء الشريعة الإسلامية وإن كانوا يشترطون في الإمام أو الخليفة شروطًا لا تتوفر في كل شخص إلا أنهم يسوونه بجمهور الناس أمام الشريعة، ولا يميزونه عنهم في شيء، وهم يستندون في هذه التسوية إلى قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]. وإلى قول الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «النَّاسُ سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ المُشْطِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015