البلاد، وحمل أهلها على مبايعته طوعًا وكرهًا وعلى أن يدعوه إمامًا.
ويشبه البعض إمامة المتغلب بأكل الميتة ولحم الخنزير عند الضرورة ويرى أن السعي واجب دائمًا لإزالتها عند الإمكان ولا يجوز أن توطن الأنفس على دوامها (?).
ولقد قبل الفقهاء إمامة المتغلب اتقاء للفتنة وخشية الفرقة، ولكنها أدت إلى أشد الفتن وإلى تفريق الجماعة الإسلامية وإضعاف المسلمين وهدم قواعد الإسلام ولو علم الفقهاء الذين أجازوا ما سوف تؤدي إليه لما أجازوها لحظة واحدة، فالمتغلب الذي يطلب السلطان على الأمة من غير طريق الشورى إنما هو رجل لا يؤمن بقوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38]، ومن كان لا يؤمن بقول الله فليس أهلاً لولاية أمر المسلمين، فما يقوم أمر المسلمين إلا على إقامة أمر الله، والمتغلب الذي تسلط على المسلمين بما ينافي أمر الله ليرضي أهواء نفسه لن يتأخر عن إرضاء نفسه في كل وقت وعلى حساب أمر الله كلما نازعه إلى ذلك هواه.
إن المسلمين رضوا بولاية العهد، وبإمامة المتغلب، وبالسكوت على الأئمة الظلمة والفسقة، وكان رضاؤهم يرجع إلى الخشية من الفتنة، وما علموا أنهم في الفتنة سقطوا بما رضوا من الخروج على أمر الله، وبما سكتوا عن إقامة أمر الله.