حتى ذهبوا إلى نفي اشتراط القرشية، واستندوا في ذلك إلى قول الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ» كما استندوا إلى قول عمر: «لَوْ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى حُذَيْفَةَ حَيًّا لَوَلَّيْتُهُ»، وسالم ليس قرشيًا، وإلى ما روي عن عمر: «إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي وَأَبُو عُبَيْدَة حَيٌّ اِسْتَخْلَفْته، فَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي وَقَدْ مَاتَ أَبُو عُبَيْدَة اِسْتَخْلَفْت مُعَاذ بْن جَبَلٍ» (*)، ومعاذ أنصاري لا نسب له في قريش. كذلك استدلوا بتأمير عبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة وأسامة بن زيد وغيرهم في الحروب، وممن أسقط شرط القرشية القاضي أبو بكر الباقلاني لما أردك ما عليه أمر قريش من التلاشي والاضمحلال واستبداد الأعاجم بالأمر (?).
والمتمسكون بشرط القرشية يردون على ذلك بأن الحديث ورد في الإمارات الصغرى لا في الإمامة العظمى، وأن ما روي عن عمر لعله اجتهاد منه تغير بعد ذلك، كما أن تأمير عبد الله بن رواحة وغيره ليس له دخل بالإمامة العظمى.
ويعلل ابن خلدون جعل الأمر في قريش بقوة عصبيتهم «لأن قريشًا كانوا عصبة مضر وأصلهم وأهل الغلب فيهم، وكان سائر العرب يعترف لهم بذلك، فلو جعل الأمراء من سواهم لتوقع افتراق الكلمة بمخالفتهم وعدم انقيادهم، ولا يقدر غيرهم من قبائل مضر أن يردهم عن الخلاف ولا يحملهم