ويسوسهم في حدود الإسلام، بعد أن كَوَّنَ الرسول منهم وحدة سياسية، واستن لهم رئاسة الدولة وإمامة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بل إن التأسي بالرسول واتباع سنته يقتضي من المسلمين جميعًا أن يُكَوِّنُوا من أنفسهم وحدة سياسية واحدة، وأن يقيموا لهم دولة واحدة تجمعهم، وأن يقيموا على رأسها من يخلف الرسول في إقامة الدين وتوجيه سياسة الدولة توجيهًا إسلاميًا خالصًا.
ثانيًا: أجمع المسلمون وأصحاب الرسول خاصة وهم أدرى الناس باتجاهات الإسلام على أن يقيموا على رأس الدولة من يخلف الرسول، وما أن تحقق أبو بكر من وفاة الرسول حتى خرج على الناس يقول لهم «أَلاَ إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَلاَ بُدَّ لِهَذَا الدِّينِ مِمَّنْ يَقُومُ بِهِ» فترك الصحابة تجهيز النبي ولم يدفنوه حتى أقاموا أبا بكر خليفة له، والإجماع مصدر من مصادر الشريعة يلزم المسلمين كما يلزم النص، وإذا كان قد جاء بعد العصر الأول من قال بعدم وجوب الخلافة كالأصم فإن هذا لا يطعن في الإجماع الذي انعقد وتواترت به الروايات.
وإذا لم يكن هناك إجماع تام فإن اتفاق الصحابة دليل على اقتضاء الشرع لإقامة خليفة لرسول الله، وصحابة الرسول خير من يفهم الإسلام ويعرف الوجوب والجواز ويفرق بين الحلال والحرام.
وإذا كان الصحابة قد اختلفوا فيما بعد على الخلافة