بين أفرادها وبث الثقة بين المحكومين والحاكمين، بل إن ذلك يوفر على الحاكمين مشقة التنفيذ والمراقبة لأن كل فرد يقيم من نفسه رقيبًا على نفسه ويقبل على أداء واجبه إرضاء لضميره. لا خشية العقاب، والنتيجة الطبيعية لهذا كله هي ثبات الأنظمة وحرص الحاكمين والمحكومين عليها.

وبهذا الذي يلائم طبائع البشر ويدعو إلى استجوابتهم، ويوفر لهم السعادة والحب والأمن ويصرفهم إلى الخير، بهذا كله نزل القرآن على قلب مُحَمَّدٍ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حيث ربط السلطان المادي وهو سلطان الدولة بالسلطان الروحي وهو سلطان الدين، وأقام السلطان المادي على دعامة من السلطان الروحي وفي حدوده، وجعل من الإسلام عقيدة ونظامًا ودينًا ودولة.

دَوْلَةٌ اسْتَكْمَلَتْ أَرْكَانَهَا:

ولقد حاول محاول أن يشكك في تكوين الدولة الإسلامية في عهد الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال إن النبي لم يؤسس دولة، وبني ذلك على ما يظنه من فقدان بعض أركان الدولة ودعائم الحكم، وحدد هذا المفقود فقال: لماذا لم يعرف نظام الرسول في تعيين القضاء والولاة، ولماذا لم يتحدث إلى رعيته في نظام الملك وقواعد الشورى، ولماذا ترك العلماء في حيرة واضطراب من أمر النظام الحكومي في زمنه، ولماذا لم يكن للدولة ميزانية ودواوين تضبط شؤونها الداخلية والخارجية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015