بمنزلة الرأس أو القلب من البدن، وقد تضافرت عليه عوامل الإفساد والضعف فأحدثت فيه عللا كثيرة، وقد ولد فيه ضعف الحكم التركي وغفلته عن تعليم الشعوب وتربيتها، وإنفاق الأموال في غير موضوع، وعسف في غير هوادة، أورث كل هذه البطالة وسقوط الهمة والجهل المطبق في كثير من البلاد العربية، وجاء الإستعمار الأوروبي فأورث التفسخ في الأخلاق والانحلال في الدين والاندفاع والتهور إلى المادية والتهالك على الشهوات، وقامت الحكومات الشخصية فأورثت التملق وكثرة المجاملات والنفاق والخنوع للقوة والمادة، ثم جنى عليها قربه من أوروبا، فكان هدفا لتياراتها المدنية ومنتجاتها الصناعية وأفكارها المتطرفة فأساء إليه موقعه الجغرافي وأهميته السياسية والاستراتيجية، فلج به الغرب وطمع فيه الاستعمار، وطوقته الجنود الأجنبية، وكان من بقايا الحضارة الشرقية والنظام الإقطاعي والحكم الشخصي المترف والبذخ والتفاوت الشديد بين الطبقات في المعيشة ثم كان أن خفت في العالم العربي صوت الدعوة الدينية من زمان، وانقرض الرجال الذين كانوا يكافحون المادية ويكبحون جماحها ويلطفون من حدتها بدعوتهم