وهذا الموقف الجريء من الوفد المحمدي هو درس للجانبين معا الجانب القرشي والجانب الأفريقي وخطاب موجه إلى قلوبهم جميعا لو كانوا يفقهون وكأن جعفرا يقول لهم إذا كان وفد قريش مغرورا بفصاحة عمرو وبلاغته وسحر بيانه وبما قدمه من الهدايا الثمينة للبطارقة كثمن لاسترجاعنا، وإذا كانا البطارقة تستضعفنا وتحاول أن تؤثر في النجاشي ملكهم ليسلمنا لعمرو بن العاص، وعلى الرغم من ذلك فنحن حزب الله العلي القدير متوكلون عليه واثقون به فلا نبالي لأنه سبحانه مولانا فنعم المولى ونعم النصير. أجل نحن حزب الله ألا إن حزب الله هم الغالبون، فوقعت خطبة جعفر هذه من النجاشي موقعها. فطلب منهم من يمثلهم في المفاوضة معه والحوار وليرد على ما زعمه وفد قريش. فقال جعفر أنا. فقال له تكلم نقدم جعفر بين يدي كلامه مقدمة تدل على حصافة عقله وأنه من الذين يعرفون أن ينزلوا الناس منازلهم، فقال، إنك ملك لا يصلح عندك كثرة الكلام والظلم، فبعد هذه المقدمة الوجيزة طلب جعفر من النجاشي أن يوجه إلى وفد قريش الأسئلة التالية.
أ- أهم عبيد أم أحرار؟.
2- هل أراقوا دما فهربوا؟.
3- هل أخذوا أموال الناس فخرجوا بها؟.
فأجاب عمرو عن الأسئلة الثلاثة بالنفي أي لم يكونوا عبيدا ولا قتلة ولا سراقا. فقال النجاشي ماذا تطلبون منهم إذا؟ قال عمرو كنا وهم على دين واحد دين آبائنا فتركوا ذلك الدين واتبعوا غيره. فترى أن عمرا حصر نقطة الاختلاف بينهم في أنهم تركوا ما كان يعبد آباؤهم واتبعوا ملة أخرى جديدة ولا شيء غيرهما.