إن التوبة إحدى خصائص الوسطية في الإسلام، وهي تترك الباب مفتوحا لتجديد العبد صلته بربه دون واسطة أو سمسرة، ودون تيئيس أو قطع الرجاء فيتمادى المذنب والمجترح للسيئات في عناده وغيه، ذلك أن الله - سبحانه وتعالى - كرم بني آدم إذ خلقهم على الفطرة، ومهما اعترتها من شوائب وأكدار وحُجُب فإن العمق يظل سليما، لذلك قال - تعالى - مخاطبا المؤمن: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (?) . فإن الإنسان طيب في أعماقه فيه استعداد للمودة وللتسامح وصلة ما انقطع لكن يحتاج إلى مخاطبته ومعالجته ومدافعة عناده وإصراره على العداوة بالتي هي أحسن التي تستطيع أن تخترق تلك الحجب ليمس الفطرة التي فطره الله عليها لتتحول عداوته إلى ولاية حميمة وصداقة وثيقة، بخلاف الشيطان فإنه شر محض مفطور عليه لا يقبل رشوة لذلك فلا ينفع معه إلا الاستعاذة بالله. ومن تجليات الوسطية إكرام الله الإنسان بعقيدة التوحيد التي تتميز بسمة التوازن العقلي والروحي، فلا إنكار للألوهية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015