عن الإسلام، ولا شك أنهم استفرغوا كل جهودهم ووقتهم في هذا السبيل، لكن الظروف لم تكن مواتية، ولا شك أيضًا في أنهم لا يزالون يستفرغون كل جهد ووقت في كفاحهم المستمر؛ وهم يرجون أن يكتب لهم النصر والغلبة.
وفي البلاد الإسلامية اليوم جيل مثقف ثقافة إسلامية عالية حريص على أن يعيد للإسلام ما فقده، لا تأخذه في الحق لومة لائم ولا عيب فيهم إلا أنهم متأثرون بأسلافهم إلى حد كبير في بعض الاتجاهات، حيث يصرفون أكثر جهدهمه في العبادات والمواعظ، ولو أنهم صرفوا أكثر جهدهم في تذكير المسلمين بشريعتهم المعطلة، وقوانينهم المخالفة للشريعة، وحكم الإسلام فيها لكان خيرًا لهم وللإسلام، ولوفروا على أنفسهم مشقة الجهاد وطول الكفاح، فالدول الحاكمة على بعض المسلمين دول ديمقراطية ويكفي أن يعتنق أكثر أفراد الشعب فكرة معينة، لتكون هذه الفكرة بعد قليل حقيقة قابلة للتنفيذ.
ويسلك هذا الجيل الجديد في دعوته للإسلام وإقامة شرائعه وشعائره طرقًا قد تجدي في إقناع الأميين وتعليمهم، ولكنها لا تجدي في إقناع المثقفين ثقافة أوروبية، وهم المسيطرون على الحياة العامة، وبيدهم الحكم والسلطان في بلاد الإسلام، وكان من الأولى أن يبذل علماء الإسلام جهدًا في إقناع هذا الفريق وتعليمه ما يجهل من أحكام الإسلام. فلو عرف هؤلاء الإسلام على حقيقته لكانوا خير السفراء والدعاء للإسلام.