لهذه الطائفة كل السلطان، ولكنهم بعد دخول القوانين حصرتهم الأوضاع الجديدة في دائرة ضيقة، وأخذ سلطانهم يزول شيئًا فشيئًًا حتى زال عنهم كل سلطان. وطالت بهم هذه الحال حتى ألفوها وسكت عليها أكثرهم لا قبولاً وانقيادًا، ولكن عجزًا ومصابرة.
وهذه الطائفة تعتبر نفسها ويعتبرها المسلمون مسؤولة عن الإسلام، لأنها أعرف المسلمين بأحكام الإسلام، ورجالها أقدر الناس على الدفاع عنه، وإن كان هنالك من يرى أن الحوادث قد أثبتت أن هذه الطائفة عجزت أكثر من مرة عن الدفاع عن الإسلام، وإن عجزها ترتب عليه دخول القوانين الأوروبية، واستقرارها في بلاد الإسلام، وتعطيل الشريعة الإسلامية، حتى ذهب جيل وجاء جيل يجهل كل شيء عن الشريعة، إلا ما تعلق بالعبادات، والأحوال الشخصية، وحتى حسب الجهال أن القوانين التي تطبق هي أحكام الإسلام، أو مما لا ينكره الإسلام، وحسب المثقفون ثقافة أوروبية أن الإسلام دين لا دولة، أو أنه ليس فيه ما يصلح لحكم الناس، ولم يبق على علم بالشريعة إلا علماء الإسلام.
وليس يعيب علماء المسلمين أن يعجزوا عن الدفاع عن الإسلام مرة ومرات، وأن يؤدي هذا العجز إلى نتائجه الطبيعية والمنطقية، وإنما يعيبهم أن لا يبذلوا ما استطاعوا من جهد ووقت في الدفاع