أسلم قديما، وكان كثير الملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب سواكه، ومطهرته، وحامل نعليه، كان من حفاظ القرآن المجيدين له، والمعروفين بإقرائه للصحابة وغيرهم، وفي صحيح البخاري عن شقيق بن سلمة قال: "خطبنا عبد الله، فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم".
وفي صحيح البخاري عن مسروق، قال: ذكر عبد الله بن مسعود عند عبد الله بن عمرو -يعني ابن العاص، فقال: لا أزال أحبه بعد ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "خُذُوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأبي بن كعب"، وقد كان من أعلم الناس بتفسير القرآن الكريم، بل كان يرى نفسه أنه أعلم الناس بكتاب الله؛ روى البخاري في صحيحه بسنده عن ابن مسعود قال: "والله الذي لا إله غيره ما أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه1.
وناهيك برجل زكاه علي بن أبي طالب، وشهد له بسعة علمه بالقرآن والسنة، أخرج أبو نعيم عن أبي البختري، قال: قالوا لعلي: أخبرنا عن ابن مسعود قال: "عَلِمَ القرآن والسنة ثم انتهى، وكفى بذلك علما" وشهد له من التابعين: مسروق بن الأجدع من خيار التابعين وفضلائهم قال: وجدت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مثل الإخاذ2 يروي الواحد، والإخاذ يروي الاثنين، والإخاذ لو ورد عليه الناس أجمعون لأصدرهم3 وإن عبد الله بن مسعود من تلك الإخاذ".
وقد كان له تلاميذ أخذوا عنه، وتخرجوا به، وملأوا الأرض من علمه، روي عن الإمام على بن المديني أنه قال: "لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له أصحاب