يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن، والعلم، والعمل جميعا، وهذا النص يبين لنا منهج المسلمين الأولين في موقفهم من القرآن، وأنهم كانوا يجمعون إلى الحفظ: العلم، والعمل.
ولذلك: كانوا يبقون مدة طويلة في حفظ السورة الواحدة وهذا هو السر في أن ابن عمر رضي الله عنهما أقام على حفظ البقرة ثماني سنين، أخرجه مالك في الموطأ، وروي عن أنس، قال: "كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جد1 في أعيننا" رواه أحمد في مسنده2.
وكذلك جاء عن السلف الصالح؛ الصحابة فمن بعدهم، فقد أخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق ابن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} 3 قال في تفسير الحكمة: المعرفة بالقرآن: ناسخه، ومنسوخه ومحكمه، ومتشابهه، ومقدمه، ومؤخره، وحلاله، وحرامه، وأمثاله.
وأخرج أيضا عن أبي الدرداء في قوله: {يُؤْتِي الْحِكْمَة} ، قال: قراءة القرآن والفكرة فيه، وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن مرة قال: "ما مررت بآية في كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنتني؛ لأني سمعت الله يقول: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} 4.
وأخرج أبو عبيد عن الحسن" قال: "ما أنزل الله آية إلا وهو يحب أن يعلم فيما أنزلت، وما أراد بها".
فالواجب على الأمة الإسلامية حفظ القرآن، وفهم معانيه، ومعرفة تفسيره معرفة لا تشوبها الإسرائيليات، ولا الموضوعات والأباطيل، والتزامه سلوكا وعملا من الأفراد والجماعات في كل شأن من شئون الحياة، وبذلك يستعيدون مجدهم الغابر" وعزتهم التي