ما أشبه الليلة بالبارحة:
أقول: لا يزال بعض الخطباء، ومقيمي الشعائر الدينية الذين ليس له علم بالحديث رواية ودراية، ولا سيما من لم يتأهلوا التأهل اللازم لمن يتولى الإمامة والخطابة، والذين لا يزالون يخطبون من الدواوين، أو يعتمدون في خطبهم على الكتب التي لا يُعتمد عليها في معرفة الأحاديث والتمييز بين صحيحها، وضعيفها، وموضوعها، والذين جعلوا غايتهم استرضاء الجماهير، فيذكرون لهم أحاديث في الترغيب والترهيب، وحكايات وقصصا مثيرة عجيبة، أغلب الظن أنها من وضع القصاص، وجهلة الزهاد الذين استجابوا ذلك، وكان جل هممهم تملق الجماهير، واستمالتهم بذكر المبالغات، والتهاويل والعجائب، والغرائب وما أجدر هذه الفئة بأن يحال بينها وبين الخطابة، والوعظ، والتذكير، حتى لا يسمموا أفكار الناس ويفسخوا القيم الدينية والخلقية الصحيحة، وتكون حجة على الإسلام لا حجة له، وأحب أن أقول لهؤلاء وأمثالهم: إن في الأحاديث الصحاح والحسان، والقصص الثابت الصحيح غنية عن الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة والقصص، وجهلة الزهاد الذين استباحوا ذلك، وكان جل همهم تملق الجماهير، واستمالتهم بذكر المبالغات، والتهاويل والعجائب، والغرائب وما أجدر هذه الفئة بأن يحال بيها وبين الخطابة، والوعظ، والتذكير، حتى لا يسموا أفكار الناس ويفسخوا القيم الدينية والخلقية الصحيحة، وتكون حجة على الإسلام لا حجة له، وأحب أن أقول لهؤلاء وأمثالهم: إن في الأحاديث الصحاح والحسان، والقصص الثابت الصحيح غنية عن الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة والقصص المكذوب لمن يريد أن يرقق القلوب ويستولي على النفوس، فليتق الله هؤلاء في الناس، وفي أنفسهم.
ومن الحق في هذا المقام أن أقول أيضا: إن الكثيرين من المدرسين الأزهريين والوعاظ، والمرشدين، والدعاة إلى الله، والأئمة والخطباء المؤهلين تأهيلا علميا سليما، في الأزهر، وجامعته والجامعات الإسلامية الأخرى لهم من علمهم، ووعيهم الديني والثقافي وسعة اطِّلاعهم ما يعصمهم من الوقوع في رواية الموضوعات والقصص الباطلة، والإسرائيليات الزائفة، وتحري الصدق والحق في رواية الأحاديث، وذكر الأقاصيص، وأخذهم أنفسهم بالرجوع في ذلك إلى كتب العلماء الثقات الحفاظ للحديث، أو الذين لهم علم به ودراية، وهو أثر من آثار النهضة العلمية الحديثة من يوم أن أنشئت الدراسات العليا التخصصية في كليات الجامع الأزهر الشريف، عمره الله بالعلم والعلماء.
فقد كان من شعب هذه الدراسات: "شعبة التفسير والحديث" منذ ما يقرب من نصف قرن، وقد أتى على هذه الشعب حين من الدهر كان الطلاب فيها يستوعبون كل ما كتب وأُلِّفَ في العلم الذي تخصصوا فيه، وكذلك كان هناك تخصص في "الدعوة