جمهور المحدثين إلى أن من كذب في حديث واحد فسق، وردت روايته، وبطل الاحتجاج بها، وإن تاب وحسنت توبته، ومن هؤلاء الأئمة: أحمد بن حنبل، وأبو بكر الحميدي والصيرفي، والسمعاني1.
قال أبو بكر الصيرفي: "كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نعد لقبوله لتوبة تظهر" وقال أبو المظفر السمعاني: "من كذب في خبر واحد وجب إسقاط ما تقدم من حديثه".
وخالف في ذلك الإمام النووي، فقال: والمختار القطع بصحة توبته في هذا، وقبول رواياته بعدها، إذا صحت توبته بشروطها2. والحق أن ما ذهب إليه النووي قوى من جهة الاستدلال، ولكن مذهب الجمهور أحوط للأحاديث، وأبعد من الريبة في الرواية، ومن ثم نرى: أن أئمة الحديث احتاطوا له غاية الاحتياط، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.
حكم رواية الموضوعات والإسرائيليات الباطلة:
قال العلماء سلفا وخلفا: لا يحل رواية الحديث الموضوع في أي باب من الأبواب، إلا مقترنا ببيان أنه موضوع مكذوب، سواء في ذلك ما يتعلق بالحلال والحرام، أو الفضائل، أو الترغيب والترهيب أو القصص والتواريخ3، ومن رواه من غير بيان وضعه فقد باء بالإثم العظيم، وحشر نفسه في عداد الكذابين، والأصل في ذلك: ما رواه الإمام مسلم في صحيحه، بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين" 4 وفي حكم الموضوعات الإسرائيليات التي ألصقت بالنبي زورا، وكذبا عليه.