وكان خالد على اليمن، وأبان على البحرين، وعمرو على تيماء وخيبر وقرى عربية [1] ، وكان الحكم يعلم الحكمة. ويقَالَ [2] : ما فتحت بالشام كورة إلا وجد فيها رجل من بني سعيد بن العاص ميتا.
وكان سعيد بن سعيد بن العاص قد قتل مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالطائف.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ [3] بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: كَانَ إِسْلامُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَدِيمًا، وَكَانَ أَوَّلَ إِخْوَتِهِ إِسْلامًا، وَكَانَ بَدْءُ إِسْلامِهِ أَنَّهُ رَأَى فِي النَّوْمِ أَنَّهُ وُقِفَ بِهِ عَلَى شَفِيرِ النَّارِ، فَذَكَرَ مِنْ سِعَتِهِمَا مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ [4] ، وَكَأَنَّ أَبَاهُ يَدْفَعُهُ فِيهَا، وَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِذًا بِحِقْوَيْهِ [5] لا بقع فِيهَا، فَفَزِعَ، وَقَالَ: أَحْلِفُ باللَّه إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ، وَلَقِيَ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي قُحَافَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أُرِيدَ بِكَ خَيْرًا، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبِعْهُ، وَإِنَّكَ سَتَتَّبِعُهُ فِي الإِسْلامِ الَّذِي يَحْجُزُكَ مِنْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، وَأَبُوكَ وَاقِعٌ فِيهَا. فَلَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِأَجْيَادَ [6] ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِلَى مَنْ تَدْعُو؟ فَقَالَ: أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده وَرَسُولُهُ، وَتَخْلَعُ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ حَجَرٍ لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ، وَلا يَضُرُّ وَلا يَنْفَعُ، وَلا يَدْرِي مَنْ عَبَدَهُ مِمَّنْ لَمْ يَعْبُدْهُ. قَالَ خَالِدٌ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلامِهِ، وَتَغَيَّبَ خَالِدٌ، وَعَلِمَ أَبُوهُ بِإِسْلامِهِ، فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِ مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِهِ،