بسم الله الرّحمن الرّحيم
قَالَ أَبُو عمر يوسف بْن عَبْد اللَّهِ بن محمد بن عبد البر النّمرى الفقيه الحافظ الأندلسي رحمه الله: بحمد الله ابتدئ وإياه أستعين وأستهدي، وهو ولي عصمتي من الزلل، في القول والعمل، وولي توفيقي، لا شريك له، ولا حول ولا قوة إلّا به. الحمد للَّه رب العالمين، جامع الأولين والآخرين ليوم الفصل والدين، حمدًا يوجب رضاه، ويقتضي المزيد من فضله ونعماه، وصلى الله على مُحَمَّد نبي الرحمة، وهادي الأمة، وخاتم النبوة، وعلى آله أجمعين وسلم تسليمًا.
أما بعد، فإن أولى ما نظر فيه الطالب، وعني به العالم- بعد كتاب الله عز وجل- سنن رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فهي المبينة لمراد الله عز وجل من مجملات كتابه، والدالة على حدوده، والمفسرة له، والهادية إلى الصراط المستقيم صراط الله، من اتبعها اهتدى، ومن سلك غير سبيلها ضل وغوى، وولاه الله ما تولى. ومن أوكد آلات السنن المعينة عليها، والمؤدية إلى حفظها، معرفة الذين نقلوها عن نبيهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى الناس كافة، وحفظوها عليه، وبلغوها عنه، وهم صحابته الحواريون [1] الذين وعوها وأدوها ناصحين محسنين، حتى كمل بما نقلوه الدين، وثبتت بهم [2] حجة الله تعالى على المسلمين، فهم خير القرون، وخير أمة أخرجت للناس،