أبي بكر السعيد وَمَنْصُور بن سُلَيْمَان مَعًا وذابا كَمَا يذوب الْملح فَأَما مَنْصُور بن سُلَيْمَان فَإِنَّهُ فر إِلَى بادس فَقبض عَلَيْهِ وَجِيء بِهِ إِلَى السُّلْطَان أبي سَالم فَقتله وَأما السعيد فَإِن وزيره الْحسن بن عمر لما سمع بِظُهُور السُّلْطَان أبي سَالم واستفحال أمره نبذ دَعْوَة سُلْطَانه الْمَذْكُور وَبعث بِطَاعَتِهِ إِلَى أبي سَالم ووعده بالتمكين من دَار الْملك إِن قدم عَلَيْهِ فَكَانَ الْأَمر كَذَلِك وخلع السعيد يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّانِي عشر من شعْبَان سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة ثمَّ قتل بعد ذَلِك غرقا فِي الْبَحْر فَإِن السُّلْطَان أَبَا سَالم بَعثه فِي جملَة الْأَبْنَاء المرشحين من بني أبي الْحسن إِلَى الأندلس ووكل بهم من يحرسهم ثمَّ بعد ذَلِك بعث إِلَى الْمُوكل بهم فحملهم فِي سفينة كَأَنَّهُ يُرِيد بهم الْمشرق ثمَّ غرقهم فِي الْبَحْر وَالْأَمر لله وَحده
كَانَ هَذَا السُّلْطَان جوادا جم الْعَطاء مَعْرُوفا بِالْوَفَاءِ كثير الْحيَاء كنيته أَبُو سَالم لقبه المستعين بِاللَّه أمه أم ولد رُومِية اسْمهَا قمر صفته آدم اللَّوْن معتدل الْقَامَة رحب الْوَجْه وَاسع الجبين بادن الْجِسْم أعين أدعج معتدل اللِّحْيَة أسودها وَكَانَ بعد مهلك وَالِده السُّلْطَان أبي الْحسن رَحمَه الله قد اسْتَقر بالأندلس بَعثه إِلَيْهَا أَخُوهُ أَبُو عنان كَمَا مر وَلما مَاتَ أَبُو عنان الْمَذْكُور وَولي ابْنه الصَّبِي طمع أَبُو سَالم هَذَا فِي الْملك فَاسْتَأْذن الْحَاجِب رضوَان مُدبر دولة ابْن الْأَحْمَر بالأندلس فِي اللحاق ببلاده فَأبى عَلَيْهِ فغاضه ذَلِك وَنزع عَنهُ إِلَى طاغية قشتالة وتطارح عَلَيْهِ فِي أَن يحملهُ إِلَى بر العدوة يطْلب ملك أَبِيه فأسعفه وَأمر بِهِ فَحمل فِي مركب وَألقى بِهِ ملاحه فِي سَاحل بِلَاد غمارة بعد أَن تردد فِي أَي السواحل يلقيه وَوَافَقَ