وَبهَا يَوْمئِذٍ أميرها لقوط بن يُوسُف بن عَليّ المغراوي فَنزل عَلَيْهَا وحاصرها حصارا شَدِيدا
وَلما رأى لقوط مَا لَا طَاقَة لَهُ بِهِ أسلمها وفر عَنْهَا لَيْلًا هُوَ وَجَمِيع حشمه إِلَى تادلا فَاسْتَجَارَ ببني يفرن مُلُوك سلا وتادلا
وَدخل المرابطون مَدِينَة أغمات سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة فَأَقَامَ بهَا عبد الله بن ياسين نَحْو الشَّهْرَيْنِ ريثما استراح الْجند ثمَّ خرج إِلَى تادلا فَفَتحهَا وَقتل من وجد بهَا من بني يفرن مُلُوكهَا وظفر بلقوط المغراوي فَقتله
وَكَانَ للقوط هَذَا امْرَأَة اسْمهَا زَيْنَب بنت إِسْحَاق النفزاوية قَالَ ابْن خلدون وَكَانَت من إِحْدَى نسَاء الْعَالم المشهورات بالجمال والرياسة وَكَانَت قبل لقوط عِنْد يُوسُف بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن وطاس شيخ وريكة فَلَمَّا قتل المرابطون لقوط بن يُوسُف المغراوي خَلفه أَبُو بكر بن عمر على امْرَأَته زَيْنَب بنت إِسْحَاق الْمَذْكُورَة إِلَى أَن كَانَ من أمرهَا مَا نذكرهُ
ثمَّ تقدم عبد الله بن ياسين إِلَى بِلَاد تامسنا فَفَتحهَا وَاسْتولى عَلَيْهَا ثمَّ أخبر بِأَن بساحل تامسنا قبائل برغواطة فِي عدد كثير وَجمع عَظِيم
ولنذكر هُنَا كلَاما مُلَخصا فِي برغواطة ودولتهم ثمَّ نرْجِع إِلَى مَا نَحن بصدده فَنَقُول اخْتلف النَّاس فِي نسب برغواطة هَؤُلَاءِ إِلَى أَي شَيْء يرجع فبعضهم يلحقهم بزناتة وَبَعْضهمْ يَقُول فِي متنبئهم صَالح بن طريف البرغواطي إِنَّه يَهُودِيّ الأَصْل من سبط شَمْعُون بن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام نَشأ ببرباط حصن من عمل شدونة من بِلَاد الأندلس ثمَّ رَحل إِلَى الْمشرق وَقَرَأَ على عبيد الله المعتزلي واشتغل بِالسحرِ وَجمع مِنْهُ فنونا وَقدم الْمغرب فَنزل بِلَاد تامسنا فَوجدَ بهَا قبائل جُهَّالًا من البربر فاظهر لَهُم الصّلاح والزهد وموه عَلَيْهِم وخلبهم بِلِسَانِهِ وسحرهم بنير نجاته فصدقوه واتبعوه فَادّعى النُّبُوَّة وَشرع لَهُم شرائع وَوضع لَهُم قُرْآنًا حَسْبَمَا تقدم الْخَبَر عَنهُ مُسْتَوفى فَكَانَ يُقَال لمن تبعه وَدخل فِي دينه برباطي ثمَّ عربته الْعَرَب فَقَالُوا برغواطي فسموا برغواطة