فاستولى على عدوة الْقرَوِيين واستبد على أَخِيه وافترق أَمر فاس وأعمالها بافتراقهما وَقَامَت الْحَرْب بَينهمَا على سَاق وَبنى الْفتُوح بعدوة الأندلس قَصَبَة منيعة بالموضع الْمَعْرُوف بالكدان وَبنى عجيسة أَيْضا قَصَبَة مثلهَا بِرَأْس عقبَة السعتر من عدوة الْقرَوِيين وَكَثُرت الْعَدَاوَة بَينهمَا واستحكمت فَكَانَا لَا يفتران عَن الْقِتَال لَيْلًا وَنَهَارًا وَعظم الْخَوْف بالمغرب وَكثر الْهَرج وغلت الأسعار واشتدت المجاعة وَظَهَرت لمتونة على أَطْرَاف الْبِلَاد فملكوها وَالْأَمر لَا زَالَ وَالْحَال مَا حَال وَلَيْسَ لأهل فاس شغل إِلَّا الْقِتَال وَاسْتمرّ الْأَمر على ذَلِك ثَلَاث سِنِين إِلَى أَن بَيت الْفتُوح عجيسة فاقتحم عَلَيْهِ عدوة الْقرَوِيين لَيْلًا فَقتله وَاسْتولى على العدوتين مَعًا

والفتوح بن دوناس هَذَا هُوَ الَّذِي بنى بَاب الْفتُوح من مَدِينَة فاس بسورها القبلي وَبِه عرف إِلَى الْآن وَأَخُوهُ عجيسة هُوَ الَّذِي بنى بَاب عجيسة بِرَأْس عقبَة السعتر من عدوة الْقرَوِيين من نَاحيَة الْجوف وَبِه عرف أَيْضا إِلَى ألآن فَلَمَّا ظفر الْفتُوح بعجيسة وَقَتله أَمر بتغيير اسْم الْبَاب الْمَنْسُوب إِلَيْهِ فأسقط النَّاس الْعين من عجيسة وعوضوا عَنْهَا الْألف وَاللَّام فَقَالُوا بَاب الجيسة قَالَه فِي القرطاس وَقَالَ ابْن خلدون خففوه لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال

وَلم يزل الْفتُوح مستوليا على فاس إِلَى أَن دهم الْمغرب مَا دهمه من أَمر المرابطين من لمتونة وخشي الْفتُوح مغبة ذَلِك فأفرج عَن فاس وتخلى عَنْهَا وزحف صَاحب القلعة بلكين بن مُحَمَّد بن حَمَّاد الصنهاجي إِلَى الْمغرب سنة أَربع وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَدخل فاسا وَاحْتمل من أكابرها وأشرافها عددا رهنا على الطَّاعَة وقفل إِلَى قلعته

الْخَبَر عَن دولة معنصر بن حَمَّاد بن معنصر بن الْمعز بن عَطِيَّة المغراوي

لما تخلى الْفتُوح بن دوناس عَن ملك فاس وأعمالها قَامَ بِالْأَمر بعده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015