وَسَار بسيرة أَبِيه وجده فِي الْعدْل فَكَانَ النَّاس فِي أَيَّامه فِي أَمن ودعة إِلَى أَن توفّي فِي شهر رَجَب سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وعهد بِالْأَمر لِأَخِيهِ يحيى بن مُحَمَّد على مَا سَيَأْتِي
قَالَ ابْن خلدون قَامَ يحيى بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس بِالْأَمر وامتد سُلْطَانه وعظمت دولته وَحسنت آثَار أَيَّامه واستبحر عمرَان فاس وبنيت بهَا الحمامات والفنادق للتجار وبنيت خَارِجهَا الأرباض ورحل إِلَيْهَا النَّاس من الثغور القاصية
وَقَالَ ابْن أبي زرع قصد إِلَيْهَا النَّاس من الأندلس وإفريقية وَجَمِيع بِلَاد الْمغرب
قَالَ ابْن أبي زرع كَانَ مَوضِع مسج الْقرَوِيين أَرضًا بَيْضَاء لرجل من هوارة كَانَ وَالِده قد حازها أَيَّام بِنَاء فاس وَلما قدم وَفد القيروان على إِدْرِيس الْأَصْغَر حَسْبَمَا تقدم كَانَ فيهم امْرَأَة اسْمهَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد الفِهري وتكنى أم الْبَنِينَ فَنزلت فِي أهل بَيتهَا بِالْقربِ من مَوضِع الْمَسْجِد الْمَذْكُور ثمَّ مَاتَ زَوجهَا وإخوتها فورثت مِنْهُم مَالا جسيما وَكَانَ من حَلَال فَأَرَادَتْ أَن تنفقه فِي وُجُوه الْخَيْر وَكَانَت لَهَا نِيَّة صَالِحَة فعزمت على بِنَاء مَسْجِد تَجِد ثَوَابه عِنْد الله فاشترت الْبقْعَة من رَبهَا وشرعت فِي حفر أساس الْمَسْجِد وَبِنَاء جدرانه وَذَلِكَ يَوْم السبت فاتح رَمَضَان الْمُعظم سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ فبنته بالطابية والكدان