سنة خمس وثلاثمائة وَألف ثمَّ قفل السُّلْطَان رَاجعا فَدخل مكناسة الزَّيْتُون أَوَاخِر ذِي الْحجَّة خَاتِمَة السّنة الْمَذْكُورَة

ثمَّ دخلت سنة سِتّ وثلاثمائة وَألف فِيهَا غزا السُّلْطَان جبال غمارة فَخرج من حَضْرَة فاس عَاشر شَوَّال من السّنة الْمَذْكُورَة فسلك تِلْكَ الْجبَال ودوخها وزار تربة الشَّيْخ الْأَكْبَر والكبريت الْأَحْمَر أَبَا مُحَمَّد عبد السَّلَام بن مشيش رَضِي الله عَنهُ ثمَّ تقدم إِلَى مَدِينَة تطاوين فَدَخلَهَا يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن الْمحرم من السّنة الَّتِي تَلِيهَا أَعنِي سنة سبع وثلاثمائة وَألف فَأَقَامَ بهَا نَحْو الْخَمْسَة عشر يَوْمًا وزار صلحاءها وَتَطوف فِي معالمها وتبارى وُجُوه أهل تطاوين وكبراؤهم فِي الإهداء إِلَيْهِ وبذل المجهود فِي الاعتناء بحاشيته وجيشه وأعجب ذَلِك السُّلْطَان وحاشيته وَرَأَوا مِنْهُم مَا تقر بِهِ أَعينهم وأنعم عَلَيْهِم السُّلْطَان بِعشْرَة آلَاف ريال لبِنَاء قنطرة يرتفقون بهَا فِي وَادِيهمْ الْمُحِيط بمدينتهم لَكِن لم يحصل مَقْصُود من ذَلِك لعدم إتقان بنائها فتهدمت فِي الْحَال وَضاع ذَلِك المَال ثمَّ سَار السُّلْطَان من تطاوين إِلَى طنجة ثمَّ مِنْهَا إِلَى العرائش ثمَّ عَاد إِلَى فاس فَأَقَامَ بهَا إِلَى أواسط شَوَّال من السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ غزا آيت سخمان الَّذين قتلوا ابْن عَمه مولَايَ سرُور فأوقع بهم وَقبض على نفر مِنْهُم وَلم يتَمَكَّن مِنْهُم على مَا يَنْبَغِي ثمَّ سَار إِلَى مراكش فأعرس لجَماعَة من بنيه وَبنَاته ووفدت عَلَيْهِ الْوُفُود من أقطار الْمغرب بالتهنئة وتباروا فِي الْهَدَايَا والتحف على مَا يَنْبَغِي وَبَالغ السُّلْطَان فِي إكرامهم وإفاضة الإنعام عَلَيْهِم وَاسْتمرّ أيده الله على كرْسِي ملكه وأريكة عزه وسلطانه وَالْأَيَّام سلم لَهُ وَالدُّنْيَا مهنأة بعزه وَنَصره والرعية طوع نَهْيه وَأمره إِلَّا مَا كَانَ من نواب أَجنَاس الدول فَإِنَّهُم أَكْثرُوا التَّرَدُّد إِلَيْهِ والاقتراحات عَلَيْهِ والتلونات لَدَيْهِ فَمرَّة بالنصائح الفارغة وَمرَّة بالتظلمات الْبَاطِلَة والحجج الْوَاهِيَة وَأُخْرَى بِطَلَب التَّخْفِيف من الأعشار والتنقيص من الصاكات إِلَى غير ذَلِك مِمَّا لَا تكَاد تقوم لَهُ الْجبَال الراسية وَهُوَ يدافعهم ويراوغهم وحيدا لَا نَاصِر لَهُ وَلَا معِين إِلَّا الله الَّذِي أيد بِهِ الدّين وعصم بِهِ الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين

وَلما كَانَت سنة عشر وثلاثمائة وَألف خرج السُّلْطَان مولَايَ الْحسن أيده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015