وَلم يكلم أحدا مِنْهُم حَتَّى نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك قَامُوا فنحروا وَجعل بَعضهم يحلق بَعْضًا حَتَّى كَادُوا يقتتلون اهـ فَكَذَلِك نقُول هُنَا إِن الْعَامَّة مهما رَأَوْا الْأَمِير تعاطى شَيْئا تعاطوه وَإِذا رَأَوْهُ نبذ أمرا نبذوه لِأَن الْعَامَّة مولعون بالاقتداء بالأمير وَمن فِي مَعْنَاهُ من الكبراء حَسْبَمَا قَرَّرَهُ ابْن خلدون فِي كتاب طبيعة الْعمرَان من تَارِيخه وَأما التخوف من الْإِتْيَان بهَا من بر النَّصَارَى واشتغالهم بِالتِّجَارَة فِيهَا بأسواق الْمُسلمين وَنصب الدكاكين لبيعها وَمَا ينشأ عَن ذَلِك من الْمَفَاسِد فَهُوَ مَأْمُون بِمُقْتَضى الشُّرُوط المنعقدة بَيْننَا وَبينهمْ حَسْبَمَا تضمنه الشَّرْط الثَّانِي وَالْخَامِس وَالسَّابِع من شُرُوط التِّجَارَة المنعقدة مَعَ النجليز خُصُوصا وَغَيره عُمُوما سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَألف فقد صرح فِي الشَّرْط الثَّانِي مِنْهَا بِأَن هَذِه الأعشاب وَنَحْوهَا من جملَة الممنوعات دُخُولا وخروجا ثمَّ نبه على ذَلِك أَيْضا فِي الْخَامِس وَالسَّابِع فلينظره من أَرَادَهُ وَإِنَّمَا يكون لَهُم بعد تخلي السُّلْطَان عَن بيعهَا أَن يجلبوا مِنْهَا مَا يحتاجونه لأَنْفُسِهِمْ فَقَط لَا أَكثر مِنْهُ كَالْخمرِ أَلا ترى أَنهم الْيَوْم إِنَّمَا يجلبون مِنْهَا مَا يشربونه ويتبايعونه فِيمَا بَينهم وَلَا سَبِيل لَهُم إِلَى التِّجَارَة بهَا فِي أسواق الْمُسلمين وَنصب الدكاكين لبيعها فَكَذَلِك هَذِه الأعشاب حكمهَا حكم الْخمر حَذْو النَّعْل بالنعل وَإِذا امْتنع المخزن من التِّجَارَة فِيهَا مَعَ بَقَاء منع الرّعية مِنْهَا أَيْضا فَلَا حجَّة لِلنَّصَارَى فِي ذَلِك وَلَا مُتَكَلم لَهُم فِيهِ إِذْ لَيْسَ فِي امْتنَاع المخزن حِينَئِذٍ إِلَّا تَأْكِيد الْمَنْع الَّذِي كَانَ قبل وَإِنَّمَا تكون لَهُم الْحجَّة إِذا بِيعَتْ لبَعض الرعايا دون بعض لِأَن حَاصِل شُرُوط التِّجَارَة الْخَمْسَة عشر ومدارها على أَن رعايا الْأَجْنَاس يكون لَهَا مَا لرعية الإيالة المغربية من التحجير وَالْإِطْلَاق والتخصيص والتعميم بِحَيْثُ لَا يستبد أحد من الْفَرِيقَيْنِ بِنَوْع من أَنْوَاع التِّجَارَة دون الآخر إِلَّا مَا للمخزن فِيهِ غَرَض ومصلحة فِي تثقيفه من أَشْيَاء مَخْصُوصَة فَإِنَّهُ يثقفه بنظره إِذا شَاءَ ويسرحه كَذَلِك مَتى شَاءَ وَإِن اقْتضى نظره أَن يستبد بأرباح شَيْء من ذَلِك دون رعايا الْفَرِيقَيْنِ فَلهُ ذَلِك وَإِنَّمَا الْمَمْنُوع أَن يُبِيح لرعيته دون رعايا غَيره أَو يُبِيح لبَعض الْأَجْنَاس دون بعض هَذَا هُوَ الْمَمْنُوع فِي الشُّرُوط أما هُوَ فِي خَاصَّة نَفسه ومصلحة ملكه فَلهُ أَن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015