مَا يسر الصّديق ويسوء الْعَدو فَالْحَمْد لله على ذَلِك حمدا كثيرا وَهُوَ مَعَ ذَلِك جميل الظَّن بربه حسن العقيدة فِي توكله عَلَيْهِ مُفردا وجهته إِلَيْهِ حَرِيصًا على استصلاح رَعيته ذَا غيرَة تَامَّة على الدّين والوطن بِحَيْثُ فاق بذلك وَغَيره من خِصَال الْخَيْر كثيرا من مُلُوك عشيرته الَّذين تقدموه وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَمن الرَّأْي الَّذِي لَا رَأْي فَوْقه أَن نفوض إِلَيْهِ فِي ذَلِك ونثق بِحسن رَأْيه ويمن نقيبته ونجاوبه فِي هَذِه النَّازِلَة بِأَن الْأَمر فِي ذَلِك إِلَيْهِ لَا إِلَى غَيره إِذْ هُوَ الَّذِي طوقه الله أمرنَا وكلفه النّظر لنا والنصح لدينا وَإِن كَانَ لَا بُد من المشورة فَلَيْسَتْ إِلَّا مَعَ أهل الْحل وَالْعقد وَقد قَالَ الْعلمَاء أهل الْحل وَالْعقد هم أهل الْعلم وَالدّين وَالْبَصَر بِهَذَا الْأَمر الْخَاص لِأَنَّهُ يشْتَرط فِي كل من ولي النّظر فِي أَمر مَا من الْأُمُور الْعلم بِهِ فَمَا اخْتَارَهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ اخترناه وَمَا انْشَرَحَ لَهُ صَدره وأمضاه أمضيناه وَكَيف لَا وَمَا عوده الله إِلَّا خيرا {وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم} الْآيَة وَعَسَى أَن يكون فِيمَا طلبه هَؤُلَاءِ الْأَجْنَاس فَسَاد أَمرهم وَصَلَاح أمرنَا وَذَلِكَ الظَّن بِهِ تَعَالَى وَمَا هُوَ عَلَيْهِ بعزيز فَيكون تدميرهم فِي تدبيرهم وَقد استروحنا وَالْحَمْد لله نسيم الْفرج مِمَّا كُنَّا فِيهِ قبل الْيَوْم تمم الله علينا نعْمَته آمين وَأَيْضًا فَفِي التَّفْوِيض فِي هَذِه النَّازِلَة ضرب من التبري من الْحول وَالْقُوَّة فَحَيْثُ ساقت الأقدار إِلَيْنَا هَذَا الْأَمر فَيَنْبَغِي أَن نتلقاه بالرضى وَالتَّسْلِيم بِخِلَاف مَا إِذا استعملنا فِيهِ حيلتنا ورأينا فَيكون من بَاب الدُّخُول فِي التَّدْبِير وشتان مَا بَين التَّفْوِيض وَالتَّدْبِير وَالله يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته قَالَه وَكتبه أَحْمد بن خَالِد الناصري كَانَ الله لَهُ فِي عَاشر شعْبَان سنة ثَلَاث وثلاثمائة وَألف اهـ ثمَّ إِن الله تَعَالَى لطف فِي هَذِه النَّازِلَة بمنه اللَّطِيف الْجَمِيل وَكفى مؤنتها من ذَلِك الْمَطْلُوب بِشَيْء قَلِيل وَذَلِكَ أَن السُّلْطَان أيده الله سرح لَهُم وسق الْقَمْح وَالشعِير ثَلَاث سِنِين وَوضع عَنْهُم من صاكتهما نَحْو الرّبع لَا غير وَلم يحصل وَالْحَمْد لله للرعية ضَرَر قطّ
ثمَّ دخلت سنة أَربع وثلاثمائة وَألف فِيهَا كتب السُّلْطَان مولَايَ الْحسن أيده الله إِلَى عُلَمَاء فاس كتابا يستفتيهم فِي حكم التِّجَارَة فِي الأعشاب المرقدة