المتجددة وَلَيْسَ ذَلِك تجديدا للِاجْتِهَاد من الْمُقَلّد حَتَّى تشْتَرط فِيهِ أَهْلِيَّة الِاجْتِهَاد بل هَذِه قَاعِدَة اجْتهد فِيهَا الْعلمَاء وَأَجْمعُوا عَلَيْهَا فَنحْن نتبعهم فِيهَا من غير اسْتِئْنَاف اجْتِهَاد اهـ وَنَحْوه لَهُ فِي كتاب الفروق وَنَقله عَنهُ الْأَئِمَّة واعتمدوه فَبَان من هَذَا أَنه لَا معنى للإفتاء الْيَوْم بِمَنْع بيع شَيْء من الْكفَّار أيا كَانَ إِلَّا الْمُصحف وَالْمُسلم وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا لأَنهم بلغُوا الْيَوْم من الْقُوَّة إِلَى الْحَد الَّذِي لم يكن لأحد فِي ظن وَلَا حِسَاب إِلَّا أَن يُرِيد الله كفايتنا إيَّاهُم بِأَمْر من عِنْده فَهُوَ سُبْحَانَهُ ولي ذَلِك والقادر عَلَيْهِ وَذَلِكَ ظننا بِهِ تَعَالَى فَإِن قلت هَهُنَا مضرَّة أُخْرَى تمنع من بيع مَا طلبوه وَهِي التَّضْيِيق على الْمُسلمين فِي مَعَايشهمْ ومرافقهم لأَنهم إِذا أَكَبُّوا على شِرَاء هَذِه الْأَشْيَاء فَلَا بُد أَن تغلو وترتفع أثمانها وَفِي ذَلِك من الْإِضْرَار بِالْمُسْلِمين مَا لَا يخفى وَلذَا أفتى الْأَئِمَّة بِمَنْع الحكرة فِي كل مَا للنَّاس بِهِ حَاجَة من طَعَام وأدام وعروض فَإِن كَانَ فِي الْحَال سَعَة وَلم يضر الاحتكار بِالنَّاسِ جَازَ فِي الطَّعَام وَغَيره قلت وَالنَّاس الْيَوْم وَالْحَمْد لله فِي سَعَة وَأما حُصُول التَّضْيِيق عَلَيْهِم فِي مَعَايشهمْ ومرافقهم بِسَبَب تَسْرِيح وسق هَذِه الْأَشْيَاء لِلنَّصَارَى فمشكوك فِيهِ قد يحصل وَقد لَا يحصل وَالشَّكّ مطروح فِي نظر الشَّرْع بِخِلَاف الْمضرَّة المتوقعة مِنْهُم عِنْد الْمَنْع والمحاربة فمقطوع بهَا نظرا للقرائن القوية وَالْعَادَة فَإِن قلت بل الْغَالِب حُصُول التَّضْيِيق لَا أَنه مَشْكُوك فَقَط قلت لَيْسَ بغالب فقد رأيناهم مُنْذُ أزمان وهم مكبون على وسق أَشْيَاء كَثِيرَة مثل القطاني وَغَيرهَا وَمَعَ ذَلِك لم يحصل فِيهَا وَالْحَمْد لله إِلَّا الرخَاء بل الْحق إِن هَذَا من علم الْغَيْب لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يحكم عَلَيْهِ بِغَلَبَة وَلَا قلَّة لِأَن الحكم فِي ذَلِك بالتخمين من بَاب التخرص على الله تَعَالَى فِي غيبه وَهُوَ حرَام على أَن النَّصَارَى إِذا اشْتَروا منا شَيْئا من ذَلِك فَإِنَّمَا يشترونه بِالثّمن الَّذِي لَهُ بَال ويعشرونه بالصاكة الَّتِي لَهَا بَال فَتحصل الأرباح للرعية وللسلطان وَهَذِه مَنْفَعَة مَقْطُوع بهَا وَأما الغلاء فمشكوك كَمَا قُلْنَا وَالْحَاصِل أَن الأبحاث والتفريعات فِي هَذَا الْمَوْضُوع كَثِيرَة وَفِي هَذِه النبذة كِفَايَة لمن استبصر وَالله الْمُوفق وَأما الْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ النّظر من جِهَة الرَّأْي والسياسة وَلَا بُد فِيهِ من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015