السواحل من آكادير إِلَى كليميم وَكتب بذلك كُله إِلَى وُلَاة الْمغرب وقفل رَاجعا فأوقع فِي رُجُوعه بقبيلة ذاوتنان من أهل السوس الْأَقْصَى ثمَّ كَانَت عَاقِبَة الْقَضِيَّة النجليزية أَن قَامَ فهيا أَرْبَاب دولتهم وقعدوا وخبوا فِي التشغيب على عَادَتهم وَوَضَعُوا حَتَّى وَقع الصُّلْح على مَال دَفعه السُّلْطَان إِلَيْهِم تسكينا لِلْأَمْرِ ودفعا لما هُوَ أعظم وَالْأَمر لله وَحده
وَفِي عَشِيَّة يَوْم الثُّلَاثَاء الرَّابِع وَالْعِشْرين من جُمَادَى الثَّانِيَة من السّنة الْمَذْكُورَة غيمت السَّمَاء غيما كثيفا أسود وَذَلِكَ بمراكش ونواحيها وهبت ريح سَوْدَاء مَعَ رعد قاصف ثمَّ نزل برد مثل الْبيض وَأعظم وتهدمت بمراكش دور كَثِيرَة وَمَات تَحت الْهدم خلق كثير نيفوا فِيمَا قيل على الْمِائَة وفر النَّاس إِلَى أضرحة الْأَوْلِيَاء بعد أَن ودعوا عَشَائِرهمْ وأحبتهم ولزموا الاسْتِغْفَار والتضرع إِلَى الله تَعَالَى حَتَّى انجلى الْغَيْم بعد نَحْو ساعتين وَالْحَمْد لله على حلمه بعد علمه وعَلى عَفوه بعد قدرته
وَفِي هَذِه السّنة اشْتَدَّ حرص أَجنَاس الفرنج على تنقيص صاكة الأعشار وطلبوا من السُّلْطَان أيده الله أَن يحط عَنْهُم من صاكة السّلع الموسوقة الَّتِي كَانَت مسرحة من قبل وَأَن يسرح لَهُم مَا كَانَ مثقفا قبل ذَلِك وأبدؤوا فِي ذَلِك وأعادوا وَقَامُوا فِيهِ وقعدوا فَلَمَّا رأى السُّلْطَان أيده الله شدَّة حرصهم وتكالبهم كتب كتابا إِلَى الرّعية يستشيرهم فِيهِ وَيَقُول بعد الِافْتِتَاح أما بعد فقد كَانَ طلب منا بعض نواب الْأَجْنَاس بطنجة على وَجه الْخَيْر والمحبة فِيمَا سلف من أَعْوَام تَجْدِيد شُرُوط التِّجَارَة بِقصد تَسْرِيح الْأَشْيَاء الممنوعة الوسق كالحبوب مُطلقًا والأنعام والبهائم وَنَحْو ذَلِك ونقصان صاكة الْخَارِج ذاكرين أَن تَسْرِيح ذَلِك فَهِيَ النَّفْع لبيت المَال وللرعية وَهَذِه مُدَّة من خَمْسَة أَعْوَام وَنحن ندافع ونسدد ونقارب بِمَا يَقْتَضِيهِ الْوَقْت وَالْحَال عملا بقول سيد الْوُجُود صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وقائع وقضايا سددوا وقاربوا لإبقاء مَا كَانَ على مَا كَانَ إِذْ لَا أقل من ذَلِك سِيمَا فِي هَذَا الزَّمَان الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله يَأْتِي على النَّاس زمَان يمر فِيهِ الْحَيّ على قبر الْمَيِّت فَيَقُول لَيْتَني مَكَانك وحاشى لله