(لَا زلت فِي نعم تدوم ونصرة ... وسعادة لَا زلت أَنْت الأكبرا)

(لَا زلت فِي حلل الْعِنَايَة رافلا ... لَا زلت فِي ملك كَبِير أبهرا)

وَاعْلَم أَن الأمداح فِي جناب هَذَا الْملك الْجَلِيل الشريف الْأَصِيل كَثِيرَة والقصائد المفصحة عَن علو قدره وشموخ مجده وفخره شهيرة خطيرة لَا سِيمَا لِأَصْحَابِنَا السلاويين مِمَّن ذَكرْنَاهُ مِنْهُم وَمِمَّنْ لم نذكرهُ وَلَوْلَا خوف الإطالة لأثبتنا من ذَلِك مَا يزرى بالحبر ويفصح بالذكرى والعبر وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ كِفَايَة وَالله يَجْزِي كلا بنيته وخلوص طويته

ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَألف فِيهَا تَجَدَّدَتْ الشُّرُوط بَين السُّلْطَان أعزه الله وَبَين أَجنَاس الفرنج فِي سَبِيل تَأْكِيد المهادنة وجلب نفع التِّجَارَة وَكَانَ من جُمْلَتهَا أَن النَّصَارَى وَأهل حمايتهم يلزمون بغرامة الْوَظَائِف المخزنية الْمرتبَة على الْأَبْوَاب كَسَائِر رعية السُّلْطَان وَقدر ذَلِك الوظيف سِتَّة بلايين لكل حمل وَفِي هَذِه الْمدَّة الَّتِي هِيَ أواسط السّنة الْمَذْكُورَة أَخذ السُّلْطَان أعزه الله فِي التأهب للحركة والنهوض من مكناسة الزَّيْتُون قَاصِدا حَضْرَة مراكش الْحَمْرَاء فاحتلها فِي آخر السّنة الْمَذْكُورَة وَعِيد بهَا عيد الْأَضْحَى

ثمَّ دخلت سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَألف فِيهَا تحرّك السُّلْطَان أعزه الله لغزو بِلَاد السوس الْأَقْصَى فَأخذ فِي التأهب والاستعداد لذَلِك وَأمر قبائل دكالة وتامسنا بِحمْل الْقَمْح وَالشعِير والتبن إِلَى مرسى الجديدة ومرسى الدَّار الْبَيْضَاء ليحمل مِنْهُمَا فِي المراكب إِلَى سَاحل السوس الْأَقْصَى بِقصد إرفاق الْجَيْش وإعانته وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَن جنس الإصبنيول كَانَ متشوفا لتملك بعض المراسي السوسية مُنْذُ انْعِقَاد الْهُدْنَة مَعَه عقب حَرْب تطاوين وَكَثِيرًا مَا كَانَت مراكبه الحربية والتجارية تَتَرَدَّد إِلَى تِلْكَ النواحي فيستهوي أَهلهَا بِأَسْبَاب التِّجَارَة ونيل الأرباح فَرُبمَا سكنوا إِلَيْهِ وَرُبمَا نفروا مِنْهُ وَتكلم السُّلْطَان أعزه الله مَعَ كبرائهم فِي ذَلِك فاحتجوا بِأَن صلح تطاوين كَانَ منعقدا على فتح بعض المراسي السوسية وَأَنَّهُمْ الْآن قد عزموا على الْأَخْذ بشرطهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015