عنه منهياً عنه معاقباً عليه، فالفرق بينهما يعود إلى أنه يريد ويحب ويرضى أن يُنعّم (?) هؤلاء، ويعذب هؤلاء، من غير فرق يعود إليه، ولا يحب بعض المخلوقات ويبغض بعضًا؛ كما لا يشاء بعضها دون بعض، فعنده لا يحب بعض المخلوقات دون بعض.
والجهمية الجبرية والقدرية المعتزلة ومن وافقهم مشتركون في أنه ليس بين المأمور والمحظور فرق يعود إلى الرب -تبارك وتعالى-، والقائلون بالجمع من غير فرق يشاركون هؤلاء، ورأوا أنه لا فرق بالنسبة إلى الرب؛ ولكن الفرق يعود إلى العبد من حيث إن أحد العملين يقتضي حصول لذة له، والآخر يقتضي حصول ألمٍ له، وهذا من حظوظ العباد.
ثم قال غلاة هؤلاء: وهذا الفرق من العبد نقص؛ لأنه فرق يعود إلى نفسه؛ [فالعبد] (?) له سعيٌ في حظ النفس، وأما الكمال فهو أن يفنى العبد بمراداته (?) جملة ولا يبقى له حظ، وأن لا يشهد إلا ربه، وإرادة الرب -عز وجل- عندهم هي المشيئة المتناولة لكل شيء، وهي المحبة والرضا عندهم، ولهذا قالوا: إنه حينئذٍ لا يستحسن حسنة ولا يستقبح سيئة.
ومعلوم بالاضطرار من دين الرسل أن هذا ليس بمجرد ولا حال الأنبياء والأولياء؛ بل هم متفقون على استحسان ما أحبه الله واستقباح [ما] (?) نهى الله عنه؛ والحب في الله والبغض في الله؛ وذلك أوثق عرى الإيمان (?)، فصار العالم منهم بخلق الله وأمره وشرعه وقدره؛ الذين يفرقون بين مشيئة الله ومحبته