وقال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4]).
فيقال له: هذه الآيات كلها حجة عليك، فإن الذين رفعوا أصواتهم فوق صوته نهوا عن ذلك وحرم ذلك عليهم، فكان ذلك سوء أدب ولم يكفروا بإجماع المسلمين، بل كانوا معذورين فيما فعلوا قبل النهي، فمن أطلق عبارة لها معنى صحيح ولم يعلم (?) أنها مكروهة كيف يكفر!! وهذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر كما ثبت ذلك في الصحيح (?)، ومن كفرهما فهو أحق بالكفر.
وقد ثبت في الصحيح أن ثابت بن قيس بن شماس -وكان يرفع صوته- خاف لما نزلت هذه الآية أن يكون من أهل النار، فبشره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة (?)، وهو أحد المشهود لهم بالجنة كما شهد بها للعشرة وغيرهم، وكذلك دعاؤه باسمه لم يقل أحد من المسلمين: إنه كان كفراً ممن دعاه، وكذلك الذين نادوه من وراء الحجرات كانوا من جفاة الأعراب وقالوا: يا محمد أخرج إلينا فسموه باسمه، وإنما وصفهم الله بأن أكثرهم لا يعقلون لم يقل إنهم مرتدون.
وأما قوله: (فقد نبه في الأول على حبط العمل بسوء الأدب، ولا يحبط العمل كله إلا بالكفر بإجماع أهل السنة).
فيقال: بل الآية دلت على نقيض هذا فإنه قال: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ