فقال له السلطان -وقد اشتد غضبه-: أنا جائر؟ قال: "نعم، أنت سلطت الأقباط على المسلمين وقويت دينهم"، فلم يتمالك السلطان نفسه أن أخذ السيف وهمَّ بالقيام ليضربه، فبادر بعض الأمراء وأمسك يده، فالتفت إلى ابن مخلوف وقال: "يا قاضي يتجرأ علي هذا، ما الذى يجب عليه"، قال: "لم يقل شيئاً يوجب العقوبة"، فصاح السلطان بالبكري: اخرج عني، فقام وخرج، فقال ابن الوكيل: "ما كان ينبغي أن يغلظ ويتكلم برفق"، فأعجب السلطان، فقال ابن جماعة: "قد تجرأ وما بقي إلا أن يزاحم السلطان"، فانزعج السلطان وقال: "اقطعوا لسانه"، فبادر الأمراء ليفعلوا ذلك بالبكري، فارتعد وصاح واستغاث بالأمراء فرقّوا له؛ وألحوا على السلطان في السؤال في أمره؛ والشفاعة فيه حتى رق له، وأمر بنفيه ومنعه من الفتوى، ودخل ابن الوكيل على السلطان وهو يبكي وينتحب، فظن السلطان أنه أصابه شيء، فقال له: "خير خير"، فقال: "البكري عالم صالح (?) لكنه ناشف الدماغ"، قال: "صدقت" وسكن غضبه (?).

وقال الذهبي: "وأراد قطع يده لفتاويه" (?). قلت: لعل الذهبي يقصد حادثة غير هذه الحادثة، فقد انتقد شيخ الإسلام ابن تيمية فتوى للبكري في بيت المال (?)، ولم أجد من ذكر هذه الفتوى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015