الشرع، فلي عليك دعوى"، فلما تكاثر الناس انملص، فطُلب -أي البكري- من جهة الدولة فهرب واختفى، وثار بسبب ذلك فتنة، وحضر جماعة كثيرة من الجند وغيرهم إلى الشيخ لأجل الانتصار له، فلم يجبهم، وقال: "أنا ما أنتصر لنفسي". وأكثروا عليه في القول حتى قال لهم: "إما أن يكون الحق لي، أو لكم أو لله، فإن كان الحق لي فهم في حل، وإن كان لكم فإن لم تسمعوا مني فلا تستفتوني؛ وافعلوا ما شئتم، وإن كان الحق لله فالله يأخذ حقه كما يشاء ومتى شاء"، ولما طلبت الدولة البكري هرب واختفى عند شيخ الإسلام ابن تيمية لما كان مقيماً في مصر حتى شفع فيه عند السلطان وعفى عنه (?).

فانظر نبل موقف ابن تيمية، وموقف البكري منه، قابل العفو والصفح بالظلم والعدوان، والشفاعة له باستعداء الدولة والسلطان.

8 - موقف البكري مع السلطان (الملك الناصر محمد بن قلاوون):

في النصف من المحرم سنة 714 هـ بلغ البكري أن النصارى قد استعاروا من قناديل جامع عمرو بن العاص بمصر شيئاً؛ وعلقوه في كنيسة، فأخذ معه طائفة كبيرة من الناس وهجم على الكنيسة والنصارى في المجمع ونكل بهم؛ وبلغ منهم مبلغاً عظيماً، وعاد إلى الجامع وأهان قوّمته وأكثر الوقيعة في خطيب الجامع، فبلغ السلطان فأمر بإحضار القضاة وفيهم ابن الوكيل (?)؛ وأحضر البكري فتكلم ووعظ وذكر آيات من القرآن وأحاديث، واتفق أنه أغلظ في العبارة للسلطان، ثم قال: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015