بين الحنفية والصابئة، فضلوا وأضلوا، وأما الحنفاء فعندهم أنه ما من عبد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه حاجب وترجمان (?)، وعندهم أن الملائكة عباد الله يفعلون ما أمرهم الله به، ومن أثبت أن دون الله روحاً يكون مبدعاً للعالم فهو أكفر عند الحنفاء مشركي العرب، فإن مشركي العرب كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيء، لا يثبتون دونه شيئاً أبدع (?) العالم، ولما قال من قال منهم: إن الملائكة بنات الله؛ لم يجعلوا الملائكة مبدعة للعالم.

وأما هؤلاء الفلاسفة [يقولون] (?): إن الصادر الأول عن العقل الأول؛ وأن كل مما سواه صادر عنه، فالعقل الأول هو رب كل ما سوى الله عندهم، وكذلك كل عقل هو مبدع ما سواه عندهم، حتى ينتهي الأمر إلى العقل العاشر فهو عندهم مبدع ما تحت الفلك.

ومعلوم أن المسلمين واليهود والنصارى ومشركي العرب وغيرهم لا يجعلون أحداً من دون الله أبدع كل ما تحت السماء، وهؤلاء يجعلون الملائكة التي أخبرت، بها الرسل هي العقول والنفوس التي زعموها، ومنهم من يجعل العقل الأول هو القلم؛ ويجعل النفس هي اللوح، ومنهم من يحتج بالحديث الموضوع: "أول ما خلق الله العقل" (?)، مع أنهم حرَّفوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015