والاَية هنا قُصد بها التعميم لكل ما يُدعى من دون الله، وكل من دعا ميتاً أو غائباً من الأنبياء والصالحين سواء كان بلفظ الاستغاثة أو غيرها؛ فقد تناولته هذه الآية، كما تتناول من دعا الملائكة والجن.
ومعلوم أن هؤلاء كلهم يكونون وسائط فيما يُقدّره الله بأفعالهم، ومع هذا فقد نهى الله -تعالى- عن دعائهم، وبيّن أنهم لا يملكون كشف الضر عن الداعين، ولا تحويله، لا يرفعونه (?) بالكلية ولا يحولونه من موضع إلى موضع أيضاً، فلا يرفعونه ولا يحولونه من حال إلى حال كتغيير صفته أو قدره، ولهذا قال: {وَلَا تَحْوِيلًا}، فذكر نكرة تعم أنواع التحويل، يقال: كشف البلاء، أي: أزاله ورفعه، ويقال: كشف عنه أي أظهره وبيّنه، فمن الأولى قوله: {ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54)} [النحل: 54]، وقوله: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [المؤمنون: 75]، وقوله: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135)} (?) [الأعراف: 135].
ومن الثاني قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] لم يقل يوم يكشف الساق، وهذا يبيّن خطأ من قال المراد بهذه كشف الشدة، وأن الشدة تسمى ساقاً، فإنه لو أريد ذلك لقيل يوم يكشف [الساق] (?) أو يكشف الشدة، وأيضاً فيوم القيامة لا يكشف الشدة عن الكفار، والرواية في ذلك عن ابن عباس [ساقطة] (?) الإسناد (?).